مصادر تاريخ الجزائر في العهد الوسيط
إن دراسة مصادر التاريخ الوسيط ترتكز على علم الآثار الذي يمثل العمود الفقري في فهم التقدم البشري.
إن كتب الفتوح الإسلامية وكتب الطبقات وكتب التاريخ العام تعد مصادر أساسية لدراسة تاريخ الجزائر في العصر الوسيط.
يعتبر تاريخ الفتوح والجهاد، من أهم الموضوعات في التاريخ الإسلامي عامة، حيث تمثل أحداثه مساحة واسعة في المصادر التاريخية.
وتلك الأحداث مقرونة دائما بامتداد الإسلام وانتشاره، وتأمين الإسلام والمسلمين في بلادهم والبلاد المفتوحة، ولا يعني ذلك بتاتا، أن الإسلام انتشر بقوة السيف، وكان الفتح عسكريا، كما يدعى ذلك بعض المغرضين، بل نجد العكس هو الصحيح، فقد كان الفتح الإسلامي فتحا دينيا وحضاريا، لأن الإسلام نفسه هو دين فطرة فيه من المقومات الذاتية، ما أقنع الناس على الدخول فيه .
اهتم المسلمون بالتأريخ له في كتب مستقلة خصوصا في القرون الأولى، فألفت في كتب مختلفة، مثل:
1- كتاب فتوح البلدان للبلاذري.
2- كتاب الفتح لابن أعثم الكوفي.
3- كتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر التميمي الأسدي .
4- كتاب فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم .
5- العديد من الكتب المتعلقة بالفتوح والتي لها علاقة بتاريخ المغرب لمحمد بن عمر الواقدي. نذكر: فتوح إفريقيا
ونشير بهذا الصدد، إلى أن المصادر الفتوح الإسلامية كثيرة، إلا أنها مبعثرة في المكتبات ودور المحفوظات، أو مبتورة غير كاملة، والكثير من تلك الكتب مفقودة، باستثناء بعض المصادر التاريخية التي اهتمت بوجه خاص بالمد الإسلامي وانتشار الثقافة العربية الإسلامية.
وتزخر هذه الكتب المتعلقة بالفتوح، بالأحداث الأخرى للروايات المتعددة في موضوعات شتى ذات صلة بقضايا حضارية مختلفة.
إن رصد هذه الكتب، يتطلب العودة إلى الكتب المتخصصة في الفهرسة إذ أن معظم ما كتب منها، يعد مفقودا أو مدمجا في كتب أخرى، وقد رصد فرانز روزنتال مائة وتسعة عشرين (129) وكتاب في الفتوح، غير أنه بنظرة متفحصة للعناوين التي أوردها يتبين لنا، أن ما عنون بالفتوح منها هي تسعة وعشرون(29) بحثا، وبقية ما أورده منها جاءت في مسائل جهادية عامة، أو في تاريخ قادة أو بلدان بذاتها ، ويبدو أن روزنتال قد استفاد من قوائم ابن النديم في (فهرسته) .
ومهما يكن أمر الرقم الذي أحصاه روزنتال، عن كتب الفتوح، فالذي يهمنا في هذا النطاق، هو كتب الفتوح الخاصة بالمغرب الإسلامي والأندلس، وجميعها مشرقية، وجلها تقريبا مطبوعا، أما فيما يتعلق بكتب الفتوح من تأليف مغاربة، فهي مجهولة أو مفقودة، لا تكاد نعثر لها على أثر، وعلاوة على ذلك، وحتى تلك التي وصلت إلينا، فهي من القلة، بحيث لا تفي بالمطلوب، وجل اهتمامها ينصب على الأندلس، مثال ذلك، كتاب –أخبار مجموعة) لمجهول، وكتاب (تاريخ افتتاح الأندلس) لابن القوطية القرطبي.14
ولهذه الأسباب، فإننا نلجأ في كثير من الأحيان إلى كتب الفتوح المشرقية من أمثال كتاب:
- كتاب فتوح البلدان للبلاذري.
- كتاب فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم.
كما أن كتب الفتوح تعتبر:
- مرجعا في لعهود الصلح التي يعقدها من أهل البلاد الأصليين.
- تدون المناظرات الفكرية والدينية التي دارت بين المسلمين الفاتحين، وبين أعدائهم من الفرس والروم، والتي كان محورها الحديث عن الإسلام وأصوله.
- رصد لحياة فقهاء الصحابة وعلماء الشريعة، والتعريف بالقواد والأمراء المسئولين، عن تسيير أمور الأقاليم وإدارتها بعد الفتح.
ولما كان موضوع الدراسة هو تاريخ الجزائر في العصر الوسيط من خلال المصادر، فإن البحث العلمي، يحتم علينا اعتماد مصادر أخرى، لا تقل أهمية عن كتب الفتوح نفسها مادة وإحاطة وشمولية، بأحداث الفتح الإسلامي، وفتح بلاد المغرب بصفة عامة.
ولا شك أن المؤلفات القديمة تشكل ثروة مصدرية رائعة، وهي كثيرة ومتنوعة يجد فيها الباحث مادة علمية غزيرة فيما يتعلق بحركة الفتوح الإسلامية وما واكبها من أحداث ومعارك وغيرها، وهذه المصادر القديمة المتنوعة العامة تنقسم إلى نوعين رئيسيين:
أ-مصادر مشرقية ألفها كبار المؤرخين القدامى من أمثال :
- اليعقوبي (البلدان).
- الطبري (تاريخ الرسل والملوك).
- ابن قتيبة (عيون الأخبار الأخبار الطوال).
- ابن كثير (البداية والنهاية).
- ابن الأثير (الكامل في التاريخ).
- القلقشندي (سبح الأعشى فق صناعة الإنشاء).
ب-مصادر مغربية لمؤلفين مغاربة أو أندلسيين: بحيث تعتمد على النصوص التاريخية عن فتح بلاد المغرب الأوسط.
- أبي عبيد البكري (المغرب في ذكر بلاد إفريقية والغرب).
- ابن عذاري المراكشي (البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب).
ومن المؤلفات التاريخية الأخرى، التي لها علاقة بأحداث الفتح
- كتاب (نهاية الأرب في فنون الأدب) لأحمد بن عبد الوهار النويري.
- كتاب (رياض النفوس) تحقيق ونشر د.حسين مؤنس .
- كتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) لعبد الرحمان بن خلدون.
التعليقات على الموضوع