مقال فلسفة الدال والمدلول علامة كاملة أن شآء الله
مقالة التحدي هدفنا العلامة الكاملة في
الفلسفة منقول من الاستاذ خليل سيعداني
هل العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية
أم اعتباطية؟ هل اللفظ يطابق دائما معناه؟
هل العلاقة بين الصورة الصوتية والصورة
الذهنية لزومية ؟
طرح المشكلة:" مقدمة : تعتبر اللغة
من أهم الوسائل التي يستعين بها الانسان لإدراك العالم الخارجي والتواصل معه؛ حيث
يعتبر الإنسان كائنا اجتماعيا بطبعه فهو
يؤثر ويتأثر بمن حوله وهذا لا يكون إلا باللغة التي هي من الصفات الملازمة
والضرورية للإنسان بل إنها تمثل ماهية الإنسان
وحقيقته وبفضلها يتواصل مع العالم الخارجي ويحقق حاجياته الضرورية؛
لهذا فهي تراث اجتماعي وثقافه وجد غبر التاريخ؛
فاللغة من حيث التعريف تعتبر مجموعة من الإشارات والرموز التي
تستخدم كوسيلة للتواصّل. والغالبٍ في اللغةالانسانية
أنها تقوم على الألفاظ والكلمات. للتعبير عن الأشياء والمعاني؛ والأمر
الذي حرك الدراسات في مجال علم للغة هو
طبيعة العلاقة بينهما أي بين اللفظ ومعناه بمعنى "الدال والمدلول" فالدال
هو
الكلمة أو الصورة السمعية أما المدلول فهو
المعنى أو الصورة الذهنية؛ إذ ذهب البعض من أصحاب الموقف التقليدي إلى
القول بأن العلاقة بين اللفظ ومعناه هي
علاقة طبيعية ضرورية؛ بينما يؤكد أنصار نظرية التواضع والاصطلاح أن الأسماء
الواردة في الكلام الإنساني ترجع إلى المواضعة
والاتفاق عليها وبالتالي فهي اعتباطية؛ وعليه كان لابد من طرح السؤال
التالي. هل العلاقة بين اللفظ ومعناه هي
رابطة ضرورية منبعها محاكاة الطبيعة؟ أم أنها اصطلاحية توافقية ؟. بمعنى هل
العلاقة بين الدال والمدلول طبيعية أم إنسانية؟
محاولة حل المشكلة عرض .. الموقف الأول
- الأطروحة الأولى - يرى بعض العلماء والفلاسفة أن علاقة الدال بالمدلول
ضرورية لأن هناك علاقة تطابق بين الكلمات
ومعانيها؛ إذ يكفي سماع الكلمة لمعرفة معناها. إذ أن هنالك ترابطا وثيقا
ومحكما بين الكلمة ومعناها وهذا الترابط
ليس خيارا أو مجازا بل هو ضروري.
محاكاة الطبيعة/ يؤكد أفلاطون أن العلاقة
بين اللفظ ومعناه ضرورية تحاكي فيها الكلمات أصوات الطبيعة أي أن علاقة
الكلمة بالشيء علاقة طبيعية والكلمات هي
أدوات تسمى بها الأشياء فبمجرد سماع الكلكة نغر فمعناها ودلالتها فكلمة زقزقة
مثلا تشير بالضرورة إلى صوت العصفور؛ وكلمة
مواء تشير بالضرورة إلى صوت القط ونفس؟الشأن مع كلمات أخرى
ك0 نقيق....؛ حفيف. خرير.....الخ فهاته
الألفاظ تثبت بطريقة واضحة أنها مستوحاة من أصوات الطبيعة؛ لذا يقول
أفلاطون " أن الطبيعة هي التي أضفت
على الأسماء معنى خاصا " ويقول أيضا " يوجد بالطبيعة اسم صحي الكل كائن
في الحياة إذ الكلمة ليست تسمية يطلقها
البعض على الشيء بالتواطؤ لكن ثمة بالطبيعة لليونانيين والبرابرة*طريقة
صحيحة للتدليل على الأشياء هي ذاتها عند جميع الناس "
الفطرة الإلهية/ كما يعبر عن ذلك أيضا العالم
النحوي ابن فارس مستشهدا ومستدلا بظاهر الآية "وعلم آدم الأيمان كلها"
فاعتقد أن اللغة ليست من صنع البشر ولا
قدرة لهم على انشاءها وانما هي وحي من الله تعالى منحها للإنسان حتى يسهل
عليه معرفة الأشياء والتمييز بينها وهذا
دليل على أن الانسان مقيد في كل ما يقوم به ويتفوه به من أقوال وألفاظ وأن الأشياء
تملك في ذاتها صفات ومميزات تجعل ألفاظها
وتسميتها متضمنة فيها؛ وليس الانسان هو الذي يحددها ويمنحها إياها نتيجة
اتفاقه مع غيره بل العكس هو الصحيح أي أن
الأشياء هي التي تلزم الانسان بمسمياتها وفق ما أراده الله
حجة التطابق/ وأيضا يؤكد أيميل بنفستي أن
اللفظ دائما يطابق ما يدل عليه في العالم الخارجي وأساس هذه المطابقة محاكاة
الإنثنان لأضفوات الطبيّعة يقول بينفنست
" أحد مكونات العلامة اللسانية هي الصورة الصوتية ويشكل الدال والآخر هو
الصوة الدهني ويشكل المدلول؛ إن العلاقة
بين الدال والمدلول ليست اعتباطية بل هي على عكس ذلك ضرورية"؛ فمثلا
كلمة بوم يصبح معناها أقرب الى الانفجار
وكلمة المربع مأخوذة من شكله والمثلث أيضا وبالتالي نرى أن هناك تطابقا بين
الكلمة ومعتأها تتَابقا تاما وهذا التطابق
بينهما هو تطابق لزومي لا دخل للإنسان فيه
حجة الحروف/ كما يؤكد بعضل علماءٌ اللغة
أن بعض الحروف لها معان فطرية خاصة؛ حيث يوحي لك إيقاع الصوت
وجرس الكلمة بمعنى خاص؛ فحرف (ح) مثلا يدل
على معاني الانبساط والراحة؛ مثال: حب؛ حنان؛ حنين؛ حياة.....الخغ
وحرف(غ) مثلا فيدل على معاني الظلمة والحزن
والاختفاء؛ كما في: غيم؛ غم؛ غدر؛ غبن؛ غرق؛ غصة....الخ .ولو تأملنا
قصائد الغزل كما يقول بعض علماء ”اللغة
لوجدنا أنها لا تلائم في قافيتها القاف نظرا لغلظة هذا الحرف وخشونته؛ لذلك
يستحسن في هذه القصائد أن تكون القافية
(س) أ(ج) نظرا لرقتها؛ وبالتالي فان الشيء يفرض علينا وضع الحروف المناسبة
لمعناه
نقد ومناقشة: نحن لا ننكر أن هناك بعض الكلمات
تحاكي, أصوات الظبيعة لكن لو كانت اللغة كلها محاكاة للطبيعة فكيف
نفسر تعدد اللغات ما دمنا نعيش في طبيعة
واحدة. بل كيف نفير ”تعدد الألفاظ للمعنى الواحد مثال (مريض؛ سقيم؛ عليل)
فاللغة إبداع إنساني وليس مجرد تقليد فرأي
أفلاطون لا يكن الأخذ به والقياس عليه لان عدد الكلمات المستوحاة من الطبيعة
قليل جدا مقارنة بالكلمات القائمة عل الاصطلاح
والتوافق وبالتالي, فهي حالات لا يقاس عليها. وعليه فانه لا مجال للقول
بالعلاقة الضرورية. مادام الفرد هو الذي
يملك القدرة على الانشاء والبناء ووضعآلالفاظ وهذا راجع لما يتميز به من قدرات
عقلية تميزه عن باقي الكائنات
الموقف الثاني الأطروحة الثانية يرى أنصار
الاتجاه الاصطلاحي أن العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية اصطلاحية
وهي من صنع الإنسان بمعنى أنه ليس هنالك
ترابط وثيق يجمع بين الدال والمدلول ومنه فالعلاقة بين الدالوَآلمدلول علاقة
تحكمية؛ تعسفية اصطلاحية
حجة الاتفاق/ أي ان الكلمات لا تحمل أي
معنى في ذاتها؛ لأنها تمت نتيجة الاتفاق والتواضع بين أفراد المجتمع فقطبرأئٍ أن
الدلالة اللسانية تجمع بين الشيء واللفظ
تحكميا أي بين الدال والمدلول اعتباطيا؛ فاللغة إذن هي تعبير عن الواقع بكل حرية
وبلا ضرورة؛ فمثلا قد نسمي شخصا بمحمد او
علي او خالد وقد نسمي شخصا بخيلا باسم كريم؛ وهو نفس ما قصده عالم
اللسانيات السويسري دوسوسير حينما قال
"إن الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية"
حجة المعاني المجردة / يؤكد أرنست كاسيرر
أن الألفاظ وضعت لتدل على معان مجردة وأفكار لا يمكن إيجادها في الواقع
المادي وهذا في قوله:" إن الأسماء
الواردة في الكلام الإنساني لم توضع لتشير إلى أشياء بذاتها بل على معان مجردة"
علينا الاعتراف بكون الانسان كائنا عاقلا
قادرا على وضع الرموز فالإنسان لا يعيش فقط عالما ماديا بل في عالم رمزي مثل
الدين أوالفن أو الفلسفة وبالتالي تصبح
لغته الرمزية قائمة على هذا الأساس البعيد عن الواقع الحسي؛ أي أن ما يبتكره الإنسان
من ألفاظ ورموز لا علاقة له بالطبيعة أو
بالواقع المادي وأن العلاقة الموجودة بين الدال والمدلول هي علاقة اعتباطية
عرضية
حجة التحكم في المفردات/ أي إن الكلمة أو
الرمز أو الإشارة لا تحمل في ذاتها أي معنى أو مضمون إلا إذا اتفق عليه أفراد
المجتمع؛ فالإنسان هو من وضع الألفاظ قصد
التعبير والتواصل»- فمثلا يمكن أن نعبر عن المعنى الواحد بلغات مختلفة
ووضع هذه الالفاظ تم اقتراحه دوؤّن مبرر
و«هذا يعني انه لا علاقة ضرورية بين الدال والمدلول
+ تبين اختلاف الأصوات والمّعنى بقي واحدا
لذا يقول جون بياجيه: " إن تعدد اللغات نفسه يؤكد بديهيا الميزة
الاصطلاحية للإشارة اللفظية " لهذا
فاللغة مكتسبة وعمل اجتماعي نتيجة اتفاق المجتمع حول معان تطلق على الأشياء بهدف
تسهيل عمل التخاطب بينهم وما اختلاف اللغاتتم,وحتى
اللهجات داخل البلد الواحد الا دليل على ذلك؛ فمصطلح قلم نعبر عنه
حجة التحكم في المعاني/ وأيضا كثيرا ما
نجد الكلمة الواحدة تحمل دلالات ومعان مختلفة؛ فلا وجود لضرورة بين اللفظ
والمعنى؛ فالفعل: ضرب مثلا له دلالات عديدة
فإذا قلنا: ضرب إسماعيل في الأرض؛ معنى هذا: أنه سافر؛ وإذا قلنا ضرب
إسماعيل مثالا؛ معنى هذا: أنه قدم مثالا؛
وإذا قلنا: ضرب إسماعيل ابنه العاق؛ معناه: عاقبه بالضرب. وعليه نجد اللفظ الواحد
له عدة معان فلو كانت الطبيعة هي التي تفرض
نفسها في وضع الأسماء لكانت لغة البشر واحدة بل الواقع يثبت العكس يقول
دولاكروا " اللغة هي جملة من الاصطلاحات
تتبناها هيئة اجتماعية ما تنظم بدواميتها عملية التخاطب بين أفرادها " ويقول
أيضا " إن الجماعة هي التي تعطي للإشارة
اللغوية دلالتها وفي هذه الدلالة يلتقي,إلآفراد " أي أن اللغة مجرد إبداع إنساني
والأسماء اختراع بشري.
نقد ومناقشة: يبدو في هذا الطرح نوع من
الدقة؛ فحقيقة نجد كلمة حرية أو عدالة مثلا ليس لَهَاما يطابقها ف الواقع المادي
لذا وجب اللجوء إلى الاتفاق والاصطلاح لكن
هذا لا ينفي وجود البعض من الرموز والألفاظ الت تحاكي الطبيعة. فالقول
بالعلاقة الاعتباطية لا تعني أن الإنسان
له مطلق الحرية في وضع العلامات والإشارات واستعمالها حستبا هؤآة؛ بل يجب
عليه التقيد بالاستعمال الاجتماعي؛ كما
أن الواقع أيضا يؤكد وجود تناسب طبيعي بين الأشياء والأسماء في ببعض الأحيان
التركيب يمكن القول مما سبق أن العلاقة
التي تربط الدال بالمدلول كانت ضرورية لان الإنسان كان يقلد الطبيعة ولكنها
انتهت اعتباطية وأصبحت اللغة من بناء المجتمع
أي أن العلاقة التي تربط بين الدال والمدلول أصبحت تعينفية تحكمية وأنه
يمكن القول بعدم بوجود ضرورة بين الإشارة
اللفظية والمشار إليه؛ بمعنى انه لا توجد علاقة ضرورية بين الأسماء
والمسميات فمثلا : ما ندعوه قلما كان بالإمكان
أن ندعوه كرسيا أو شيئا أخر؛ فمن خلال التحليل السابق نستنتج ان العلاقة
بين الدال والمدلول غير ضرورية بل هي اصطلاح واتفاق اعتباطي أبدعه الانسان؛ فهذا الأخير هو من يتحكم فيها وفق ما
تقتضي الضرورة والظروف والاتفاق بين افراد
المجتمع وما يخدم مصالحهم ويسهل حياتهم
لهذا فالرأي الذي يبدو لي صحيحا في هذه
المسألة هو أن العلاقة بين الدال والمدلول كانت ضرورية ثم اصبحت
علاقة اعتباطية ترجع إلى مجرد الاتفاق والمواضعة؛
حيث يقول ابن جني: "إن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة ...كان
يجتمع حكيمانا ثلاثة فصاعدا فيحتاجوا إلى
الإبانة عن الأشياء والمعلومات فيضعوا لكل واحد منها سمة "رمزا"
ولفظا" ويقول, أيضا "ان أكثر
اهل النظر يؤكدون ان أصل اللغة انما هو تواضع واصطلاح " وهذا هو سر إبداع اللغة
.خاتمة - حل المشكلة ب وعصارة القول أن
العلاقة بين الدال والمدلول علاقة ضرورية من حيث الممارسة فقط
واصطلاحية من حيث المِيّدا لأن الدراسات
في مجال علم اللغة تؤكد أن الطبيعة عاجزة أن تستوعب كل الألفاظ لذا كان
لابد من الرجوع الى التؤافقوالاصطلاح يقول
بياجيه " إن الرمز عبارة عن اصطلاح صريح أو ضمني يرجع سببه
للاستعمال" ولذا فختام القول نر ان
العلاقة بين الدال والمدلول بدأت ضرورية وانتهت اعتباطية وهي ناتجة عن التواضع
الذي اقره واكده الاستعمال فالمجتمع هو
الذي اوجدها:جتى يتمكن من التواصل والتعبير عن حاجاته ورغباته
التعليقات على الموضوع