كتاب إباضية جبل نفوسة في القرنين الثاني والثالث الهجريين دراسة تاريخية.
أصبـح لجبـل نفـوسـة أهمية كبيرة مـن الـوجـوه السياسية والحضارية وغيرها منـذ اقترانه بالإباضية. وسـوف يتضـح للقـراء مـن خـلال هـذا الكتاب، أن منطقـة جبـل نفوسـة لم تشـهـد الـشرارة الأولى لانتشـار الفـكـر الإيـاضي في بلاد المغـرب فحسب، بـل كـانـت شـاهـدة عـلى واحـدة مـن أبـرز مظاهـر النهضـة الحضـاريـة، والفكرية، والسياسية العظيمة، في عموم الشمال الإفريقي.
وكــا بـرزت أهميـة الجانب الاقتصـادي لإباضيـة جبـل نفوسـة، فـقـد ظـهـرت أيضـا أهميـة الجانب الفكـرى لهـم، والـذي كـان لـه أثـره الكبير والفعـال عـلى إباضيـة تاهـرت؛ نظـرا لسـعة علمهـم وتفقههـم في أمـور دينهـم، خاصـة في علم التفسير والحديث والفقـه، وهـو مـا تبـين أثنـاء المناظرة الفكريـة التـي عقدهـا الإمـام عبـد الوهاب بن رستم بين الإباضية والواصلية بتاهرت.
كذلـك فقـد ظـهـرت أهميـة إباضيـة جبـل نفـوسـة في حمايـة الدولـة الرستمية الإباضيـة ضـد أعدائهـم المذهبيين، ولهـذا تواجـدت المؤسسات التعليمية اللازمة للتعليـم كالكتـاب أو المنـزل والمسجد، فضـلا عـن وجـود المكتبات الخاصة بعلـاء إباضيـة جبـل نفوسة التي كان لها دور كبير في تخريج العديـد مـن العلماء. وكانـت اللغـة الأساسية المستخدمة في التعليـم هـي اللغة العربية، إلى جانب البربرية التي جـاءت أهميـة اسـتخدامها بـين إباضيـة الجبـل لتكـون وسيطا بينهـم وبين اللغـة العربية التي لم تكن قد وصلت إلى كافة العامة منهم.
تبين أيضـا، مـن خـلال هـذا الكتـاب، مـدى أهميـة مـوقـع جبـل نفوسـة الاستراتيجي في توطيد علاقاتـه ـ سـواء كانـت تجارية أو ثقافيـة ـ بمختلـف أقطـار العـالم الإسلامي، بدايـة بـلاد المغرب والأندلس، ثـم السـودان وبـلاد المشرق أيضا، وهـو مـا نجـم عنـه نهضـة حضاريـة شـاملة، كان لهـا أثـر فـكـرى واقتصـادى واجتماعي على أهل الجبل والمغرب بصفة عامة.
إباضية جبل نفوسة في القرنين الثاني والثالث الهجريين دراسة تاريخية.
عوض الشرقاوي
التعليقات على الموضوع