كتاب الدولة والمواطن PDF
حين حاول على عبد الرازق باشا منذ أكثر من ربع قرن أن يعالج نظم الحكم في الاسلام قرر أنه من الملاحظ البين في تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين أن حظ العلوم السياسية فيهم كان بالنسبة لغيرها من العلوم الأخرى أسوأ حظ ، وأن وجودها بينهم كان أضعف وجود ، قلنا نعرف لهم مؤلفا في السياسة ولا مترجمة ، ولا تعرف لهم بحثا في شيء من أنظمة الحكم ولا أصول السياسة ، اللهم الا قليلا لا يقام له وزن ازاء حركتهم العلمية في غير السياسة من الفنون » «ا». وفي الواقع أن هذه الملاحظة صادقة الى حد بعيد . فعلى حين أن طالب العلوم الاجتماعية الأخرى يستطيع أن يجد تراثا غنيا متصلا في دراسات علماء المسلمين ، بجد طالب العلوم السياسية نفسه محروما من تراث منظم في مادته و وان نحن تركنا تراث الماضي جانبا ، و نظرنا إلى انتاج الحاضر من هذه الناحية وجدناه كذلك غير كاف أو مقنع ، ويزيد الأمر سوءا أن هذه حال العلوم السياسية في عهد، لم يبلغ فيه الفكر السياسي في توجيه مصير الشعوب ما بلغه في القرن العشرين ، حتى لقد وجد العالم نفسه الآن منقسمة الى جبهتين شرقية وغربية يحول بين لقائهما ما يقوم بينهما من خلاف مذهبی • بل لم يقف الأمر في الدول العظمى الممثلة لهذه المذاهب السياسية المختلفة عند حد الإيمان ، اذ ترجم هذا الايمان الى طرق للعيش وتظم لتدبير الحياة ، ومن كان يعيش في انجلترا مثلا أثناء حكم وزارة العمال الأخيرة كان يلمس الاتصال المباشر بين فلسفة «هارولد لاسکی » السياسية التي يدرسها في مدرسة الاقتصاد والعلوم السياسية بلندن و بين سياسة « أتلي » في داو پنج مستریت
ومن ثم فمجال العلوم السياسية عندنا الآن مجال واسع ويجب الا تر قارغا . ولقد أصبحت الحاجة اليها حاجة قومية من الناحية النظرية والتطبيقية ، وكل ما نبتغي هو أن نوفق للمساهمة في هذا الميدان مساهمة انشائية مثمرة . وما هذا البحث الذي تقدمه عن نظرية السيادة في الدولة الا جزء من مشروع اخترنا له عنوان «الدولة والمواطن» التعالج فيه جوانب مشكلة السلطة السياسية والالتزام السياسي . ولقد حاولنا في هذا البحث أن تقدم نظرية سيادة الدولة في نظام موحد متصل رغم تباعد العصور واختلاف المفكرين . وليس هذا معناه أننا ربطنا بين وجوه هذه النظرية ربطا فكريا غير مقيد بالظروف الملازمة ، بل حرصنا على بيان تسلسل الفكر وتشكله في الوقت نفسه بالقوى المادية المحيطة بالعصر ، واتخاذه تبعا لذلك وجوها متجاوبة مع هذه القوى . ونحن في ذلك نعالج مسألة السيادة من وجهة نظر الفلسفة السياسية ، وستتابع ان شاء الله بهذا المنهج دراسة مسائل الفكر السياسي والنظم السياسية الأخرى . ولن تكون هذه الدراسات سوی مقدمات نستعين بها على وضع فلسفة سياسية تلائم مشر المعاصرة ويخدم بها جامعي بلاده .
الدولة والمواطن:
الكاتب: نصر ، محمد عبد المعز.
فئة الموضوع: na
الناشر: مطابع رمسيس بالإسكندرية ،
مكان النشر: الإسكندرية:
تاريخ النشر: 1952
التعليقات على الموضوع