بحث حول المبادئ التي تحكم سير المرفق العام
مقدمة
إن مهام ووظائف الإدارة عديدة ومتنوعة وتختلف حسب النظام السياسي، وهي محل اهتمام كل من علماء الإدارة والقانون الإداري والمهتمين بالعلوم السياسية، وإذا كان علم الإدارة يهتم خاصة بوظيفة التخطيط والتنفيذ، فإن فقهاء القانون الإداري يهتمون بالإدارة من حيث نشاطها وأموالها وموظفيها ومنازعاتها باعتبارها شخصًا من أشخاص القانون الإداري.
والحقيقة أيا كانت وظائف الإدارة ومهامها فإن نشاطها يظل مرهون بخدمة الجمهور، وإلا لما عمدت السلطة العامة إلى تزويد الإدارة بالجانب البشري الجانب المادي وإحاطتها بنسيج من النصوص القانونية بما يساعدها على القيام بمهمتها، ويتخذ النشاط الإداري مظهرين أو صورتين هما: صورة الضبط الإداري، وهو مجموعة من الإجراءات والأوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة<<الأمن، الصحة، السكينة>> وصورة المرفق العام، الذي يعد المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة، تتولاه الإدارة بنفسها، أو بالاشتراك مع الأفراد، وتسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة وتعد فكرة المرافق العامة من أهم موضوعات القانون الإداري، وترد إليها معظم النظريات والمبادئ التي ابتدعها القضاء الإداري كالعقود الإدارية والأموال العامة والوظيفة العامة.
وعليه السؤال المطروح هو: ما هو المرفق العام؟ وما هي أهم المبادئ الأساسية التي تحكمه؟
وللإجابة على الإشكالات المطروحة اتبعنا الخطة التالية:
المبحث الأول: مفهوم المرفق العام
المطلب الأول: تعريف
المطلب الثاني: عناصر المرفق العام
المبحث الثاني: المبادئ التي تحكم المرفق العام
المطلب الأول: مبدأ استمرارية المرفق العام
المطلب الثاني: مبدأ المساواة بين المنتفعين
المطلب الثالث: مبدأ قابلية المرفق العام للتغير
الخاتمة
المبحث الأول: مفهوم المرفق العام
لتحديد مفهوم المرفق العام يجب التطرق لتعريف المرفق العام ثم تحديد أهم عناصره.
المطلب الأول: تعريف المرفق العام
إن مهام ووظائف الإدارة عديدة ومتنوعة وتختلف حسب النظام السياسي، وهي محل اهتمام كل من علماء الإدارة والقانون الإداري والمهتمين بالعلوم السياسية، وإذا كان علم الإدارة يهتم خاصة بوظيفة التخطيط والتنفيذ، فإن فقهاء القانون الإداري يهتمون بالإدارة من حيث نشاطها وأموالها وموظفيها ومنازعاتها باعتبارها شخصًا من أشخاص القانون الإداري.
والحقيقة أيا كانت وظائف الإدارة ومهامها فإن نشاطها يظل مرهون بخدمة الجمهور، وإلا لما عمدت السلطة العامة إلى تزويد الإدارة بالجانب البشري الجانب المادي وإحاطتها بنسيج من النصوص القانونية بما يساعدها على القيام بمهمتها، ويتخذ النشاط الإداري مظهرين أو صورتين هما: صورة الضبط الإداري، وهو مجموعة من الإجراءات والأوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة<<الأمن، الصحة، السكينة>> وصورة المرفق العام، الذي يعد المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة، تتولاه الإدارة بنفسها، أو بالاشتراك مع الأفراد، وتسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة وتعد فكرة المرافق العامة من أهم موضوعات القانون الإداري، وترد إليها معظم النظريات والمبادئ التي ابتدعها القضاء الإداري كالعقود الإدارية والأموال العامة والوظيفة العامة.
وعليه السؤال المطروح هو: ما هو المرفق العام؟ وما هي أهم المبادئ الأساسية التي تحكمه؟
وللإجابة على الإشكالات المطروحة اتبعنا الخطة التالية:
المبحث الأول: مفهوم المرفق العام
المطلب الأول: تعريف
المطلب الثاني: عناصر المرفق العام
المبحث الثاني: المبادئ التي تحكم المرفق العام
المطلب الأول: مبدأ استمرارية المرفق العام
المطلب الثاني: مبدأ المساواة بين المنتفعين
المطلب الثالث: مبدأ قابلية المرفق العام للتغير
الخاتمة
المبحث الأول: مفهوم المرفق العام
لتحديد مفهوم المرفق العام يجب التطرق لتعريف المرفق العام ثم تحديد أهم عناصره.
المطلب الأول: تعريف المرفق العام
تعتبر فكرة المرفق العام من أبرز المفاهيم الشائكة والغامضة في القانون الإداري رغم أهميتها كمعيار للنظام الإداري برمته، نظرًا لارتباطها بالمعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعي السائدة بالدولة.
والفقه والقضاء عادة ما يلجأ لتحديد مفهوم المرفق العام إلى استعمال معيارين أساسيين هما: المعيار العضوي- الشكلي، والذي يركز في تعريفه للمرفق العام على اعتباره منظمة أو جهاز إداري عام.
والمعيار الثاني يركز على الجانب المادي الموضوعي للمرفق العام، أي يعرف المرفق العام باعتباره نشاط عام يستهدف تحقيق أغراض عامة تتمثل في إشباع الحاجات العامة في الدولة، وهناك اتجاه آخر يجمع بين الجوانب والمعاني العضوية والمادية لفكرة المرفق العام.
والفقه والقضاء عادة ما يلجأ لتحديد مفهوم المرفق العام إلى استعمال معيارين أساسيين هما: المعيار العضوي- الشكلي، والذي يركز في تعريفه للمرفق العام على اعتباره منظمة أو جهاز إداري عام.
والمعيار الثاني يركز على الجانب المادي الموضوعي للمرفق العام، أي يعرف المرفق العام باعتباره نشاط عام يستهدف تحقيق أغراض عامة تتمثل في إشباع الحاجات العامة في الدولة، وهناك اتجاه آخر يجمع بين الجوانب والمعاني العضوية والمادية لفكرة المرفق العام.
الفرع الأول: المعيار العضوي:
يقصد بالمرفق العام حسب المعيار العضوي/ الشكلي، الهيكل أو الهيئة أو المؤسسة أو التنظيم المتكون من مجموعة من الأشخاص والأموال والأشياء، الذي ينشأ ويؤسس لإنجاز مهمة عامة معينة، مثل الجامعة، المستشفى ووحدات وأجهزة الإدارة العامة بشكل عام.
كذلك من التعاريف التي تركز على الجانب الشكلي نجد تعريف الأستاذ محمود حافظ بقوله <<المرفق العام هو منظمة عامة من السلطات والاختصاصات التي تكفل القيام بخدمة معينة تسديها للجمهور على نحو منظم ومطرد>>.
والملاحظ أن المعيار العضوي يعتبر المرفق العام جهاز يرتبط بالإدارة العامة ويتمتع بأساليب السلطة العامة.
كذلك من التعاريف التي تركز على الجانب الشكلي نجد تعريف الأستاذ محمود حافظ بقوله <<المرفق العام هو منظمة عامة من السلطات والاختصاصات التي تكفل القيام بخدمة معينة تسديها للجمهور على نحو منظم ومطرد>>.
والملاحظ أن المعيار العضوي يعتبر المرفق العام جهاز يرتبط بالإدارة العامة ويتمتع بأساليب السلطة العامة.
الفرع الثاني: المعيار المادي:
يقصد بالمرفق العام حسب المعيار الموضوعي الوظيفي المادي، النشاط أو الوظيفة أو الخدمة التي تلبي حاجيات عامة للمواطنين، مثل التعليم العام، الرعاية الصحية، البريد والمواصلات، بغض النظر عن الجهة أو الهيئة القائمة به.
وعلى هذا الأساس المعيار المادي يعرف المرفق العام انطلاقا من فكرة النشاط بخلاف المعيار العضوي الذي يعرفه انطلاقا من فكرة المؤسسة، أما المعنى الموضوعي فيتعلق بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة، وهو أيضًا كل نشاط يهدف إلى إشباع المصلحة العامة فهو يختلف عن النشاط الخاص لأن هذا الأخير تحركه الأرباح.
وعلى ذلك يمكن القول بأن المرفق العام هو في حالة السكون المنظمة التي تقوم بنشاط معين، أما في حالة الحركة فهو النشاط الذي يهدف إشباع حاجات عامة بغض النظر عن الجهة التي تؤديه.
وقد تراوح التعريف بين هذين المعنيين فقد أكد بعض الفقهاء على العنصر العضوي للمرفق العام، بينما تناوله البعض الآخر من الناحية الوظيفية أو الموضوعية.
ومن أهم التعاريف التي تركز على الجانب المادي للمرفق العام تعريف دوجي، الذي يعرف المرفق العام بأنه: <<كل نشاط يجب ان يكفله و ينظمه و يتولاه الحكام لان الإ طلاع بهذا النشاط لا غنى عنه لتحقيق التضامن الإ جتماعي لا يمكن تحقيقه على أكمل وجه إلا عن طريق تدخل السلطة الحاكمة>>.
ويأتي تعريف الأستاذ André de lambadera على أن المرفق العام نشاط تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة ذات نفع عام.
نلاحظ أن هذا التعريف جمع بين الجانبين العضوي والمادي.
ويعرف أيضا المرفق العام بمعناه الوظيفي بأنه: <<نشاط يهد ف إلى تحقيق الصالح العام، أو نشاط تتولاه الإدارة بنفسها أو يتولاه فرد عادي تحت توجيهها ورقابتها وإشرافها بقصد إشباع حاجات عامة للجمهور>>، ويمكن القول أنه يمكن الجمع بين المعنى العضوي والوظيفي للوصول إلى تعريف سليم للمرفق العام لوجود التقاء بين المعنيين، عندما تسعى الهيئات العامة التابعة لشخص من أشخاص القانون العام إلى تحقيق النفع العام، وإشباع حاجات الأفراد، وهذا يحصل دائما في المرافق العامة الإدارية.
غير أن تطور الحياة الإدارية والتغيرات الكثيرة التي طرأت في القواعد التي تقوم عليها فكرة المرافق العامة أدى إلى ظهور المرافق العامة الاقتصادية أو التجارية التي يمكن أن تدار بواسطة الأفراد أو المشروعات الخاصة مما أدى إلى انفصال العنصر العضوي عن الموضوعي وأصبح من حق الإدارة أن تنظم نشاط معين في صورة مرفق عام وتعهد به إلى الأفراد فيتوافر فيه العنصر الموضوعي دون العضوي.
وقد اعترف مجلس الدولة في فرنسا للمرافق الاقتصادية والتجارية بصفة المرفق العام بل أطلق هذه الصفة على بعض المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تخضع لترخيص إداري مقيد ببعض الشروط، وفق ما يعرف بفكرة المرافق العامة الفعلية.
المطلب الثاني: عناصر المرفق العام
وعلى هذا الأساس المعيار المادي يعرف المرفق العام انطلاقا من فكرة النشاط بخلاف المعيار العضوي الذي يعرفه انطلاقا من فكرة المؤسسة، أما المعنى الموضوعي فيتعلق بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة، وهو أيضًا كل نشاط يهدف إلى إشباع المصلحة العامة فهو يختلف عن النشاط الخاص لأن هذا الأخير تحركه الأرباح.
وعلى ذلك يمكن القول بأن المرفق العام هو في حالة السكون المنظمة التي تقوم بنشاط معين، أما في حالة الحركة فهو النشاط الذي يهدف إشباع حاجات عامة بغض النظر عن الجهة التي تؤديه.
وقد تراوح التعريف بين هذين المعنيين فقد أكد بعض الفقهاء على العنصر العضوي للمرفق العام، بينما تناوله البعض الآخر من الناحية الوظيفية أو الموضوعية.
ومن أهم التعاريف التي تركز على الجانب المادي للمرفق العام تعريف دوجي، الذي يعرف المرفق العام بأنه: <<كل نشاط يجب ان يكفله و ينظمه و يتولاه الحكام لان الإ طلاع بهذا النشاط لا غنى عنه لتحقيق التضامن الإ جتماعي لا يمكن تحقيقه على أكمل وجه إلا عن طريق تدخل السلطة الحاكمة>>.
ويأتي تعريف الأستاذ André de lambadera على أن المرفق العام نشاط تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة ذات نفع عام.
نلاحظ أن هذا التعريف جمع بين الجانبين العضوي والمادي.
ويعرف أيضا المرفق العام بمعناه الوظيفي بأنه: <<نشاط يهد ف إلى تحقيق الصالح العام، أو نشاط تتولاه الإدارة بنفسها أو يتولاه فرد عادي تحت توجيهها ورقابتها وإشرافها بقصد إشباع حاجات عامة للجمهور>>، ويمكن القول أنه يمكن الجمع بين المعنى العضوي والوظيفي للوصول إلى تعريف سليم للمرفق العام لوجود التقاء بين المعنيين، عندما تسعى الهيئات العامة التابعة لشخص من أشخاص القانون العام إلى تحقيق النفع العام، وإشباع حاجات الأفراد، وهذا يحصل دائما في المرافق العامة الإدارية.
غير أن تطور الحياة الإدارية والتغيرات الكثيرة التي طرأت في القواعد التي تقوم عليها فكرة المرافق العامة أدى إلى ظهور المرافق العامة الاقتصادية أو التجارية التي يمكن أن تدار بواسطة الأفراد أو المشروعات الخاصة مما أدى إلى انفصال العنصر العضوي عن الموضوعي وأصبح من حق الإدارة أن تنظم نشاط معين في صورة مرفق عام وتعهد به إلى الأفراد فيتوافر فيه العنصر الموضوعي دون العضوي.
وقد اعترف مجلس الدولة في فرنسا للمرافق الاقتصادية والتجارية بصفة المرفق العام بل أطلق هذه الصفة على بعض المشروعات الخاصة ذات النفع العام التي تخضع لترخيص إداري مقيد ببعض الشروط، وفق ما يعرف بفكرة المرافق العامة الفعلية.
المطلب الثاني: عناصر المرفق العام
من التعريف السابق يتضح لنا أن هناك ثلاثة عناصر يجب توافرها حتى يكتسب المشروع صفة المرفق العام ويعود العنصر الأول إلى الهدف الموكل إلى المرفق العام الذي يقوم بالنشاط والثاني ارتباط المشروع بالإدارة ورقابتها لسير العمل فيه، وأخيرا استخدام امتيازات السلطة العامة.
فرع أول: عنصر الهدف:
المرفق العام هو مشروع عام، والمشروع هو عبارة عن نشاط منظم ومتناسق تمارسه مجموعة بشرية قيادية وتوجيهية وإدارية وتنفيذية، بوسائل مادية وفنية وقانونية لتحقيق غرض محدد.
لابد أن يكون كذلك الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتما ، افتقادها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين، كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما يعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين.
وعليه فإن هدف المنفعة العامة التي اعترف القضاء الإداري به عنصرًا من عناصر المرفق العام لا يمكن تحديده بدقة، فهذا الهدف قابل للتطوير، ويتوقف على تقدير القاضي إلى حد كبير،و في هذا السبيل ذهب جانب من الفقه ان المشروعات الي تنشأها الدولة تعتبر مرافق عامة لأن تستهدف تحقيق وجه من وجوه النفع العام الذي عجز الأفراد وأشخاص النشاط الخاص عن القيام بها، أو لا يستطيعون القيام بها على أكمل وجه.
ويترتب على ذلك أن المرافق العامة إنما تقوم بتقديم خدماتها أصلاً بصورة مجانية رغم ما قد تفرض من رسوم لا ترقى أبدًا إلى مستوى سعر تكلفة الخدمة المقدمة، مثل رسوم الاستفادة من خدمات المستشفيات العامة، أو الدراسة بالجامعات.
لابد أن يكون كذلك الغرض من المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة للربح لا يعني حتما ، افتقادها صفة المرفق العام، طالما أن هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها الخدمات إلى المواطنين، كما هو الحال بالنسبة لمرفق الكهرباء والقضاء لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما يعد وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل المواطنين.
وعليه فإن هدف المنفعة العامة التي اعترف القضاء الإداري به عنصرًا من عناصر المرفق العام لا يمكن تحديده بدقة، فهذا الهدف قابل للتطوير، ويتوقف على تقدير القاضي إلى حد كبير،و في هذا السبيل ذهب جانب من الفقه ان المشروعات الي تنشأها الدولة تعتبر مرافق عامة لأن تستهدف تحقيق وجه من وجوه النفع العام الذي عجز الأفراد وأشخاص النشاط الخاص عن القيام بها، أو لا يستطيعون القيام بها على أكمل وجه.
ويترتب على ذلك أن المرافق العامة إنما تقوم بتقديم خدماتها أصلاً بصورة مجانية رغم ما قد تفرض من رسوم لا ترقى أبدًا إلى مستوى سعر تكلفة الخدمة المقدمة، مثل رسوم الاستفادة من خدمات المستشفيات العامة، أو الدراسة بالجامعات.
الفرع الثاني: عنصر الإدارة
تقوم الدولة بإنشاء المرافق العامة ويجب أن يكون نشاط المرفق العام منظمًا من جانب الإدارة وموضوعًا تحت إشرافها ورقابتها، وخاضعًا لتوجيهها لضمان عدم انحرافه عن المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة.
وعليه لا يكفي لاكتساب صفة المرفق العام على منظمة إدارية ما أن يستهدف هذا المشروع تحقيق المنفعة العامة، بل لابد بالإضافة إلى ذلك ان يكون المشروع مرتبط ارتباطًا عضويا ومصيريا ووظيفيا بالدولة وبالإدارة العامة، وفكرة ارتباط المرفق العام بالدولة و الإدارة أي بالسلطة العامة في الدولة أمر منطقي باعتبار أن المرفق العام هو أداة الدولة لتحقيق وظيفة المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجات العامة في الدولة بانتظام واطراد وبكفاية وفي نطاق مبدأ تكافؤ الفرص.
ويترتب على ارتباط المرفق العام بالإدارة، خضوع المرفق العالم للسلطات العامة المختصة في الدولة من حيث الإنشاء والإدارة والتسيير والرقابة والإشراف، وهذا ما يزيد في تحديد المرفق العام ويميزه عن المشروعات الخاصة.
وإذا عهدت الإدارة إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة بإدارة المرفق فإن هذا لا يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للأفراد.
وعليه لا يكفي لاكتساب صفة المرفق العام على منظمة إدارية ما أن يستهدف هذا المشروع تحقيق المنفعة العامة، بل لابد بالإضافة إلى ذلك ان يكون المشروع مرتبط ارتباطًا عضويا ومصيريا ووظيفيا بالدولة وبالإدارة العامة، وفكرة ارتباط المرفق العام بالدولة و الإدارة أي بالسلطة العامة في الدولة أمر منطقي باعتبار أن المرفق العام هو أداة الدولة لتحقيق وظيفة المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجات العامة في الدولة بانتظام واطراد وبكفاية وفي نطاق مبدأ تكافؤ الفرص.
ويترتب على ارتباط المرفق العام بالإدارة، خضوع المرفق العالم للسلطات العامة المختصة في الدولة من حيث الإنشاء والإدارة والتسيير والرقابة والإشراف، وهذا ما يزيد في تحديد المرفق العام ويميزه عن المشروعات الخاصة.
وإذا عهدت الإدارة إلى أحد الأشخاص المعنوية العامة بإدارة المرفق فإن هذا لا يعني تخليها عن ممارسة رقابتها وإشرافها عليه من حيث تحقيقه للمصلحة العامة وإشباع الحاجات العامة للأفراد.
الفرع الثالث: وجود امتيازات السلطة العامة
يلزم لقيام المرافق العامة أن تتمتع الجهة المكلفة بإدارة المرفق العام بامتيازات غير مألوفة في القانون الخاص تلائم الطبيعة الخاصة للنظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة.
غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أ التطورات الاقتصادية صناعية وتجارية يخضع في الجانب الأكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص كما أن خضوع المرفق العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق، ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها.
والمقصود بالنظام القانوني الخاص والاستثنائي الذي يحكم المرفق العام هو مجموعة الأحكام والقواعد والمبادئ القانونية التي تختلف اختلافًا جذريا عن قواعد القانون الخاصة بصفة عامة وعن قواعد النظام القانوني الذي يحكم المشروعات الخاصة بصفة خاصة.
مادامت فكرة المرفق العام قد لعبت وتلعب دورًا أساسيًا وحيويا في تأسيس وجود القانون الإداري كقانون مستقل عن قواعد القانون الخاص ومختلف عنه جوهريا وما دامت فكرة المرفق العام هي وسيلة وأداة السلطة العامة في الدولة إذن يخضع المرفق العام لنظام قانوني خاص واستثنائي ليتلاءم وينطبق عليه في إنشائه وتنظيمه وتسييره وإلغائه وفي الرقابة عليه. المبحث الثاني: المبادئ الأساسية التي تحكم سير المرافق العمومية
غير أن هذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء على اعتبار أ التطورات الاقتصادية صناعية وتجارية يخضع في الجانب الأكبر من نشاطها إلى أحكام القانون الخاص كما أن خضوع المرفق العام هو مجرد نتيجة لثبوت الصفة العامة للمرفق، ومن غير المنطقي أن تعرف الفكرة بنتائجها.
والمقصود بالنظام القانوني الخاص والاستثنائي الذي يحكم المرفق العام هو مجموعة الأحكام والقواعد والمبادئ القانونية التي تختلف اختلافًا جذريا عن قواعد القانون الخاصة بصفة عامة وعن قواعد النظام القانوني الذي يحكم المشروعات الخاصة بصفة خاصة.
مادامت فكرة المرفق العام قد لعبت وتلعب دورًا أساسيًا وحيويا في تأسيس وجود القانون الإداري كقانون مستقل عن قواعد القانون الخاص ومختلف عنه جوهريا وما دامت فكرة المرفق العام هي وسيلة وأداة السلطة العامة في الدولة إذن يخضع المرفق العام لنظام قانوني خاص واستثنائي ليتلاءم وينطبق عليه في إنشائه وتنظيمه وتسييره وإلغائه وفي الرقابة عليه. المبحث الثاني: المبادئ الأساسية التي تحكم سير المرافق العمومية
يتفق الفقهاء على أن هناك مبادئ أساسية مشتركة ما بين مختلف المرافق العمومية تحكم تسيير هذه المرافق، فقد قام أحد الفقهاء وهو ''لويس رولان'' بتنظيم هذه المبادئ بصفة متناسقة في شكل ثلاث مبادئ أساسية وتسمى في بعض الأحيان بقوانين رولان، وهي: مبدأ استمرارية المرفق العمومي، مبدأ المساواة أمام المرفق العمومي، ومبدأ التكييف الدائم للمرفق العمومي.
المطلب الأول: مبدأ استمرارية المرفق العمومي:
تؤدي المرافق العامة دورًا كبيرا داخل المجتمع أيا كان موضوع نشاطها وهذا يفرض أن تقدم خدماتها للجمهور بشكل مستمر ومتواصل، فلا يمكن أن يتصور مثلاً توقف جهاز القضاء عن الفصل في الخصومات، أو توقف جهاز الأمن عن أداء مهامه، أو مرفق الدفاع، إن توقف أحد هذه الأجهزة وغيرها سينجم عنه إلحاق ضرر بالغ بالمصلحة العامة وبحقوق الأفراد، ولو لمدة قصيرة، لهذا أجمع الفقهاء على أن استمرارية المرفق العمومي تعتبر أحد المبادئ الأساسية التي تحكم عمل المرافق العمومية.
لذلك كان من الضروري أن لا تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى ضمان المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الإداري، ومع أن المشرع يتدخل في كثير من الأحيان لإرساء هذا المبدأ في العديد من مجالات النشاط الإداري، فإن تقريره لا يتطلب نص تشريعي لأن طبيعة نشاط المرافق العامة تستدعي الاستمرار والانتظام.
ويقتضي مبدأ الاستمرارية توفر جملة من الضمانات تعمل جميعًا على تجسيده في أرض الواقع، ومن هذه الضمانات ما وضعه المشرع ومنها ما رسخه القضاء الإداري، وتتجلى هذه الضمانات في تنظيم ممارسة حق الاستقالة، وممارسة حق الإضراب، وسن قواعد خاصة لحماية أموال المرفق، وهي جميعا تمثل ضمانات تشريعية أي من صنع المشرع وهناك ضمانات أخرى كنظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة وهي من صنع القضاء، نفصل هذه الضمانات فيما يلي:
أ- الضمانات التشريعية:
1- تنظيم ممارسة حق الإضراب: يقصد بالإضراب توقف الأعوان العموميين في المرافق العمومية عن القيام بأعمالهم أو الامتناع عن أدائها لمدة معينة.
كوسيلة حمل الإدارة على تلبية مطالب مهنية معينة أو اجتماعية دون أن تنصرف نيتهم إلى ترك العمل نهائيًا.
وللإضراب نتائج بالغة الخطورة على سير العمل في المرفق العام وقد تتعدى نتائجه إلى الإضرار بالحياة الاقتصادية والأمن في الدولة وليس هناك موقف موحد بشأن الإضراب، ومدى تحريمه فهناك من الدول التي تسمح به في نطاق ضيق، غير أن أغلب الدول تحرمه وتعاقب عليه ضمانًا لدوام استمرار المرافق العامة.
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد جاء في المادة 20 من دستور 1963م بأن حق الإضراب معترف به ويمارس في إطار القانون، وعندما صدر القانون الأساسي للوظيفة العامة في الثاني من شهر جوان 1966م، لم يشر بيان أسبابه ولا أحكامه إلى حق الإضراب وذات المسلك نراه في الأمر رقم 71-74 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات الذي اكتفى بالإعلان عن مجموعة من الحقوق كالحق في الأجر والحق في المشاركة في التسيير والحق في الأرباح والتكوين والراحة، دون إشارة لحق الإضراب وهذا أمر طبيعي فرضته طبيعة المرحلة فلا يمكن أن يتصور أن العمال في ظل الفلسفة الاشتراكية هم من جهة رواد التنمية الاقتصادية ومن جهة أخرى يعترف لهم المشرع بحق الإضراب.
فجاء دستور 1976م ولم يفصح المؤسس فيه عن موقفه من حق الإضراب في القطاع العام الاقتصادي، سواء إداري أو اقتصادي واكتفت المادة 61 منه بالاعتراف بحق الإضراب في القطاع الخاص.
ولم تجز قواعد القانون الأساسي العام للعامل صراحة ممارسة حق الإضراب في القطاع العام الاقتصادي، بل أجازته وبصريح العبارة فقط في القطاع الخاص (المادة21) تجسيدا للمبدأ الدستوري.
وحمل دستور 1989 ولأول مرة شيئًا جديدًا بخصوص الإضراب تمثل في الاعتراف بممارسته في جميع القطاعات إلا ما استثني بنص خاص فنصت المادة 54 منه على أن الحق بالإضراب معترف به و يمارس في إطار القانون و يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق أو أن يجعل حدودًا لممارسته في ميادين الدفاع الوطني أو الأمن أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومية ذات المنفعة العامة للمجتمع.
وصدر بعده القانون رقم 90-02
وصدر بعده القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06 فبراير 1990م، المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب المعدل والمتمم بالقانون رقم 91-27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991م، وتضمنت قواعده. كيفية ممارسة حق الإضراب وإجراءاته وآثاره ، وأخيرا صدر الأمن 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، واعترفت المادة 36 منه للموظف بممارسة حق الإضراب في ظل التشريع المعمول به أي في ظل القانون 90-02 المعدل والمتمم.
<<يمنع اللجوء إلى الإضراب في ميادين الأنشطة الأساسية التي قد تعرض توقفها حياة أو أمن أو صحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني للخطر.
وبهذه الصفة يمنع اللجوء إلى الإضراب على القضاة، الموظفين، المعينين بمرسوم أو الموظفين الذين يشغلون مناصب في الخارج، أعوان مصالح الأمن، الأعوان الميدانيين العاملين في مصالح الحماية المدنية، أعوان مصالح استغلال شبكات الإشارة الوطنية في وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية، الأعوان المدنيين العاملين في الجمارك عمال المصالح الخارجية لإدارة السجون>>
القيود الواردة على ممارسة حق الإضراب:
قد ينجم عن الإضراب عواقب وخيمة يعود بالسوء على المنتفع بالدرجة الأولى لذا وجب أن يسعى المشرع إلى ضبط ممارسة حق الإضراب بقيود إجرائية تحول دون تعسف الجهة القائمة به، كما أنه بإمكان المشرع ولأسباب موضوعية أن يمنع ممارسة هذا الحق في قطاعات معينة، يمكن إجمال أهم هذه القيود فيما يلي:
1- عقد اجتماعات دورية: درءا للخلافات الجماعية التي قد تسود داخل الإدارات العمومية أوجب المشرع بمقتض المادة 15 من القانون 90-02 إجراء اجتماعات دورية بين ممثلي العمل وممثلي الإدارة المستخدمة، بهدف عرض الإشكالات المطروحة، وإيجاد حل لها كآليات الوقاية من المنازعات الجماعية.
2- رفع الخلافات إلى الجهات الوصية: إذا اختلف الطرفان في حل المسائل المدروسة أو بعضها يرفع ممثلوا العمال أهم المسائل المختلف بشأنها إلى السلطات الإدارية المختصة على مستوى الولاية، وإذا كان الخلاف يكتسي طابعًا جوهريا أو وطنيا، يرفع الأمر إلى الوزير أو من يمثله، وتتولى هذه السلطات إجراء المصالحة بحضور ممثلي السلطة المكلفة بالوظيفة العامة ومفتشية العمل المختصة إقليميا وتعد محضرًا تضمنه المسائل المتفق بشأنها والمسائل المتنازع حولها.
3- إحالة الخلاف على مجلس الوظيفة العمومية المتساوي الأعضاء: أعلنت المادة 21 من القانون 90-02 عن ميلاد مجلس متساوي الأعضاء يتكون من الإدارة وممثلي العمل، يوضع تحت السلطة المكلفة بالوظيفة العامة، وهو عبارة عن جهاز مصالحه في مجال منازعات العمل.
4- موافقة جماعة العمل: إذا كان الإضراب حقا دستوريا فإن ممارسته تخضع لجملة من الضوابط يأتي على رأسها موافقة جماعة العمل على اللجوء للإضراب، وهذا لا يتم إلا بعقد جمعية في مواقع العمل تضم نصف عدد العمال على الأقل ويبت في هذا الامر عن طريق الاقتراع السري.
5- الإشعار المسبق: ويتمثل في أجل محدد لا يقل عن ثمانية أيام يتم الاتفاق عليه مفاوضة بين أطراف الخلاف و ينجم عن انتهائه الدخول في الإضراب، وقد أوجب القانون إيداع الإشعار بالإضراب لدى المستخدم مع إعلام مفتشية العمل.
6- اتخاذ إجراءات المحافظة على الممتلكات: إن اللجوء للإضراب لا يعني هجر الإدارة المستخدمة ومواقع العمل هجرًا جماعيا، بل يلزم العمل باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على ممتلكات الإدارة المستخدمة، وهذا من باب تطبيق مبدأ الاستمرارية.
7- ضمان الحد الأدنى للخدمة: وهذا تجسيدا لمبدأ سير المرفق العامة بانتظام واطراد.
8- إمكانية اللجوء للتسخير: يمكن أن يأمر بتسخير العمال المضربين في الهيئات أو الإدارات العمومية أو المؤسسات بغرض أداء أعمال ضرورية لضمان استمرار بعض الحاجات الضرورية.
2- تنظيم ممارسة حق الاستقالة: إذا كان من حق الموظف أن يستقيل من عمله بالمرفق العام، فإنه ليس من حقه أن يترك ويتخلى عن أداء مهامه فجأة كما يشاء وبدون إجراءات.
وسعيا منه لضمان استمرارية المرافق العامة ينص قانون الوظيف العمومي على مجموعة من القيود والشروط تنظم الاستقالة تتمثل فيما يلي:
أ- تقديم طلب الاستقالة في شكل كتابي إلى السلطة صاحبة التعيين.
ب- بقاء الموظف ملزما بتأدية الواجبات المرتبطة بمهامه حتى صدور قرار قبول الاستقالة خلال مدة 03 أشهر، يمكن تمديدها إلى فترة إضافية أقصاها 6 أشهر.
ج- اعتبار التوقف عن الخدمة فجأة وبدون مراعاة الإجراءات القانونية خطأ مهني جسيم، بسبب إهمال المنصب.
وأحسن المشرع عندما اعتبر الاستقالة حقًا وهذا ما نصت عليه المادة 93 من القانون الأساسي العام للعامل وأكدته المواد من 133 وما بعدها من القانون الأساسي النموذجي للعمال والمؤسسات والإدارات العامة لسنة 1985، وتبدو الحكمة في الاعتراف بالاستقالة كحق أن إلزام الموظف بالعمل لحساب المؤسسة المستخدمة رغم إرادته يشكل صورة من صور المساس بحرية العمل، والتي بات معترف بها في سائر التشريعات الحديثة.
ورجوعا للأمر 06-03 المتضمن قانون الوظيفة العامة الجديد نجده لم يورد الاستقالة تحت عنوان حقوق الموظف وإنما ورد ذكرها في الباب العاشر تحت عنوان إنهاء الخدمة، وإن كانت المادة 217 من الأمر المذكور قد اعترفت بصريح العبارة أن الاستقالة حق للموظف يمارسه ضمن إطار القانون وأكدت المادة 218 و219 على وجوب تقديم طلب كتابي يعبر فيه الموظف عن رغبته في قطع العلاقة الوظيفية يرسل عن طريق السلم الإداري للسلطة المخولة بصلاحية التعيين، ويلزم بالاستمرار في أداء عمله إلى غاية صدور القرار، ومتى قبلت الاستقالة فلا مجال للتراجع فيها.
لذلك كان من الضروري أن لا تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى ضمان المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الإداري، ومع أن المشرع يتدخل في كثير من الأحيان لإرساء هذا المبدأ في العديد من مجالات النشاط الإداري، فإن تقريره لا يتطلب نص تشريعي لأن طبيعة نشاط المرافق العامة تستدعي الاستمرار والانتظام.
ويقتضي مبدأ الاستمرارية توفر جملة من الضمانات تعمل جميعًا على تجسيده في أرض الواقع، ومن هذه الضمانات ما وضعه المشرع ومنها ما رسخه القضاء الإداري، وتتجلى هذه الضمانات في تنظيم ممارسة حق الاستقالة، وممارسة حق الإضراب، وسن قواعد خاصة لحماية أموال المرفق، وهي جميعا تمثل ضمانات تشريعية أي من صنع المشرع وهناك ضمانات أخرى كنظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة وهي من صنع القضاء، نفصل هذه الضمانات فيما يلي:
أ- الضمانات التشريعية:
1- تنظيم ممارسة حق الإضراب: يقصد بالإضراب توقف الأعوان العموميين في المرافق العمومية عن القيام بأعمالهم أو الامتناع عن أدائها لمدة معينة.
كوسيلة حمل الإدارة على تلبية مطالب مهنية معينة أو اجتماعية دون أن تنصرف نيتهم إلى ترك العمل نهائيًا.
وللإضراب نتائج بالغة الخطورة على سير العمل في المرفق العام وقد تتعدى نتائجه إلى الإضرار بالحياة الاقتصادية والأمن في الدولة وليس هناك موقف موحد بشأن الإضراب، ومدى تحريمه فهناك من الدول التي تسمح به في نطاق ضيق، غير أن أغلب الدول تحرمه وتعاقب عليه ضمانًا لدوام استمرار المرافق العامة.
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد جاء في المادة 20 من دستور 1963م بأن حق الإضراب معترف به ويمارس في إطار القانون، وعندما صدر القانون الأساسي للوظيفة العامة في الثاني من شهر جوان 1966م، لم يشر بيان أسبابه ولا أحكامه إلى حق الإضراب وذات المسلك نراه في الأمر رقم 71-74 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات الذي اكتفى بالإعلان عن مجموعة من الحقوق كالحق في الأجر والحق في المشاركة في التسيير والحق في الأرباح والتكوين والراحة، دون إشارة لحق الإضراب وهذا أمر طبيعي فرضته طبيعة المرحلة فلا يمكن أن يتصور أن العمال في ظل الفلسفة الاشتراكية هم من جهة رواد التنمية الاقتصادية ومن جهة أخرى يعترف لهم المشرع بحق الإضراب.
فجاء دستور 1976م ولم يفصح المؤسس فيه عن موقفه من حق الإضراب في القطاع العام الاقتصادي، سواء إداري أو اقتصادي واكتفت المادة 61 منه بالاعتراف بحق الإضراب في القطاع الخاص.
ولم تجز قواعد القانون الأساسي العام للعامل صراحة ممارسة حق الإضراب في القطاع العام الاقتصادي، بل أجازته وبصريح العبارة فقط في القطاع الخاص (المادة21) تجسيدا للمبدأ الدستوري.
وحمل دستور 1989 ولأول مرة شيئًا جديدًا بخصوص الإضراب تمثل في الاعتراف بممارسته في جميع القطاعات إلا ما استثني بنص خاص فنصت المادة 54 منه على أن الحق بالإضراب معترف به و يمارس في إطار القانون و يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق أو أن يجعل حدودًا لممارسته في ميادين الدفاع الوطني أو الأمن أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومية ذات المنفعة العامة للمجتمع.
وصدر بعده القانون رقم 90-02
وصدر بعده القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06 فبراير 1990م، المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب المعدل والمتمم بالقانون رقم 91-27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991م، وتضمنت قواعده. كيفية ممارسة حق الإضراب وإجراءاته وآثاره ، وأخيرا صدر الأمن 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، واعترفت المادة 36 منه للموظف بممارسة حق الإضراب في ظل التشريع المعمول به أي في ظل القانون 90-02 المعدل والمتمم.
<<يمنع اللجوء إلى الإضراب في ميادين الأنشطة الأساسية التي قد تعرض توقفها حياة أو أمن أو صحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني للخطر.
وبهذه الصفة يمنع اللجوء إلى الإضراب على القضاة، الموظفين، المعينين بمرسوم أو الموظفين الذين يشغلون مناصب في الخارج، أعوان مصالح الأمن، الأعوان الميدانيين العاملين في مصالح الحماية المدنية، أعوان مصالح استغلال شبكات الإشارة الوطنية في وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية، الأعوان المدنيين العاملين في الجمارك عمال المصالح الخارجية لإدارة السجون>>
القيود الواردة على ممارسة حق الإضراب:
قد ينجم عن الإضراب عواقب وخيمة يعود بالسوء على المنتفع بالدرجة الأولى لذا وجب أن يسعى المشرع إلى ضبط ممارسة حق الإضراب بقيود إجرائية تحول دون تعسف الجهة القائمة به، كما أنه بإمكان المشرع ولأسباب موضوعية أن يمنع ممارسة هذا الحق في قطاعات معينة، يمكن إجمال أهم هذه القيود فيما يلي:
1- عقد اجتماعات دورية: درءا للخلافات الجماعية التي قد تسود داخل الإدارات العمومية أوجب المشرع بمقتض المادة 15 من القانون 90-02 إجراء اجتماعات دورية بين ممثلي العمل وممثلي الإدارة المستخدمة، بهدف عرض الإشكالات المطروحة، وإيجاد حل لها كآليات الوقاية من المنازعات الجماعية.
2- رفع الخلافات إلى الجهات الوصية: إذا اختلف الطرفان في حل المسائل المدروسة أو بعضها يرفع ممثلوا العمال أهم المسائل المختلف بشأنها إلى السلطات الإدارية المختصة على مستوى الولاية، وإذا كان الخلاف يكتسي طابعًا جوهريا أو وطنيا، يرفع الأمر إلى الوزير أو من يمثله، وتتولى هذه السلطات إجراء المصالحة بحضور ممثلي السلطة المكلفة بالوظيفة العامة ومفتشية العمل المختصة إقليميا وتعد محضرًا تضمنه المسائل المتفق بشأنها والمسائل المتنازع حولها.
3- إحالة الخلاف على مجلس الوظيفة العمومية المتساوي الأعضاء: أعلنت المادة 21 من القانون 90-02 عن ميلاد مجلس متساوي الأعضاء يتكون من الإدارة وممثلي العمل، يوضع تحت السلطة المكلفة بالوظيفة العامة، وهو عبارة عن جهاز مصالحه في مجال منازعات العمل.
4- موافقة جماعة العمل: إذا كان الإضراب حقا دستوريا فإن ممارسته تخضع لجملة من الضوابط يأتي على رأسها موافقة جماعة العمل على اللجوء للإضراب، وهذا لا يتم إلا بعقد جمعية في مواقع العمل تضم نصف عدد العمال على الأقل ويبت في هذا الامر عن طريق الاقتراع السري.
5- الإشعار المسبق: ويتمثل في أجل محدد لا يقل عن ثمانية أيام يتم الاتفاق عليه مفاوضة بين أطراف الخلاف و ينجم عن انتهائه الدخول في الإضراب، وقد أوجب القانون إيداع الإشعار بالإضراب لدى المستخدم مع إعلام مفتشية العمل.
6- اتخاذ إجراءات المحافظة على الممتلكات: إن اللجوء للإضراب لا يعني هجر الإدارة المستخدمة ومواقع العمل هجرًا جماعيا، بل يلزم العمل باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على ممتلكات الإدارة المستخدمة، وهذا من باب تطبيق مبدأ الاستمرارية.
7- ضمان الحد الأدنى للخدمة: وهذا تجسيدا لمبدأ سير المرفق العامة بانتظام واطراد.
8- إمكانية اللجوء للتسخير: يمكن أن يأمر بتسخير العمال المضربين في الهيئات أو الإدارات العمومية أو المؤسسات بغرض أداء أعمال ضرورية لضمان استمرار بعض الحاجات الضرورية.
2- تنظيم ممارسة حق الاستقالة: إذا كان من حق الموظف أن يستقيل من عمله بالمرفق العام، فإنه ليس من حقه أن يترك ويتخلى عن أداء مهامه فجأة كما يشاء وبدون إجراءات.
وسعيا منه لضمان استمرارية المرافق العامة ينص قانون الوظيف العمومي على مجموعة من القيود والشروط تنظم الاستقالة تتمثل فيما يلي:
أ- تقديم طلب الاستقالة في شكل كتابي إلى السلطة صاحبة التعيين.
ب- بقاء الموظف ملزما بتأدية الواجبات المرتبطة بمهامه حتى صدور قرار قبول الاستقالة خلال مدة 03 أشهر، يمكن تمديدها إلى فترة إضافية أقصاها 6 أشهر.
ج- اعتبار التوقف عن الخدمة فجأة وبدون مراعاة الإجراءات القانونية خطأ مهني جسيم، بسبب إهمال المنصب.
وأحسن المشرع عندما اعتبر الاستقالة حقًا وهذا ما نصت عليه المادة 93 من القانون الأساسي العام للعامل وأكدته المواد من 133 وما بعدها من القانون الأساسي النموذجي للعمال والمؤسسات والإدارات العامة لسنة 1985، وتبدو الحكمة في الاعتراف بالاستقالة كحق أن إلزام الموظف بالعمل لحساب المؤسسة المستخدمة رغم إرادته يشكل صورة من صور المساس بحرية العمل، والتي بات معترف بها في سائر التشريعات الحديثة.
ورجوعا للأمر 06-03 المتضمن قانون الوظيفة العامة الجديد نجده لم يورد الاستقالة تحت عنوان حقوق الموظف وإنما ورد ذكرها في الباب العاشر تحت عنوان إنهاء الخدمة، وإن كانت المادة 217 من الأمر المذكور قد اعترفت بصريح العبارة أن الاستقالة حق للموظف يمارسه ضمن إطار القانون وأكدت المادة 218 و219 على وجوب تقديم طلب كتابي يعبر فيه الموظف عن رغبته في قطع العلاقة الوظيفية يرسل عن طريق السلم الإداري للسلطة المخولة بصلاحية التعيين، ويلزم بالاستمرار في أداء عمله إلى غاية صدور القرار، ومتى قبلت الاستقالة فلا مجال للتراجع فيها.
3- عدم جواز الحجز على أموال المرفق العام:
خلافا للقاعدة العامة التي تجيز الحجز على أموال المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه لا يجوز الحجز على أموال المرافق العامة، وفاء لما يتقرر للغير من ديون في مواجهتها لما يترتب على ذلك من تعطيل للخدمات التي تؤديها.
فمن أجل أداء المرافق العامة لمهامها تلبية لاحتياجات الجمهور، أضفى المشرع حماية خاصة ومتميزة على أملاك وأموال الإدارات العامة سواء كانت حماية مدنية أو جنائية.
أ- حماية مدنية: تنص المادة 689 من القانون المدني على ما يلي: <<لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها، أو تملكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص هذه الأموال لإحدى المؤسسات المشار إليها في المادة 688 تحدد شروط إدارتها، وعند الاقتضاء شروط عدم التصرف فيها.
ب- الحماية الجنائية: يفرض القانون الجنائي عقوبات مشددة على كل مساس بأموال وأملاك المرافق العامة، خاصة إذا كانت ماسة بالاقتصاد الوطني.
خلافا للقاعدة العامة التي تجيز الحجز على أموال المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه لا يجوز الحجز على أموال المرافق العامة، وفاء لما يتقرر للغير من ديون في مواجهتها لما يترتب على ذلك من تعطيل للخدمات التي تؤديها.
فمن أجل أداء المرافق العامة لمهامها تلبية لاحتياجات الجمهور، أضفى المشرع حماية خاصة ومتميزة على أملاك وأموال الإدارات العامة سواء كانت حماية مدنية أو جنائية.
أ- حماية مدنية: تنص المادة 689 من القانون المدني على ما يلي: <<لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها، أو تملكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص هذه الأموال لإحدى المؤسسات المشار إليها في المادة 688 تحدد شروط إدارتها، وعند الاقتضاء شروط عدم التصرف فيها.
ب- الحماية الجنائية: يفرض القانون الجنائي عقوبات مشددة على كل مساس بأموال وأملاك المرافق العامة، خاصة إذا كانت ماسة بالاقتصاد الوطني.
ب- الضمانات القضائية:
لقد ساهم القضاء الإداري في فرنسا مساهمة كبيرة في إظهار النظريات التي تخدم مبدأ حسن سير المرفق بانتظام واطراد ويتجلى ذلك خاصة في نظرية الظروف الطارئة ونظرية الموظف الفعلي.
1- نظرية الظروف الطارئة: تفتر ض نظرية الظروف الطارئة أنه إذا وقعت حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد وأثناء تنفيذه وخارجة عن إرادة المتعاقد وكان من شأنها أن تؤدي إلى إلحاق خسائر غير مألوفة وإرهاق المتعاقد مع الإدارة، فإن للإدارة أن تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاق المتعاقد، ويتحمل بعض عبئ هذا الإرهاق بالقدر الذي يمكن المتعاقد من الاستمرار بتنفيذ العقد فإن لم يحصل هذا الاتفاق فإن للقضاء أن يحكم بتعويض المتعاقد تعويضًا نسبيا.
وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي، أقرها خروجا على الأصل في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة ''العقد شريعة المتعاقدين'' ضمانًا لاستمرار سير المرافق العامة وللحيلولة دون توقف المتعاقد مع الإدارة عن تنفيذ التزاماته وتعطيل المرافق العامة.
2- نظرية الموظف الفعلي: ضمانًا لمبدأ استمرارية الخدمة العامة صاغ القضاء الفرنسي نظرية الموظف الفعلي، وهذا لتحقيق المقصد بالنسبة بنظرية الظروف الطارئة، والموظف الفعلي شخص يمارس اختصاصًا إداريا معينا رغم وجود عيب جسيم في قرار تعيين شغله لهذه الوظيفة أو لعدم صدور قرار التعيين.
وتقتضي مبادئ القانون إلغاء جميع تصرفاته لأنها صادرة من شخص غير مختص غير أن القضاء وسعيا منه عدم ارتباك أداء الخدمات العامة بانتظام وإطراد أضفى مشروعيته على هذه الأعمال.المطلب الثاني: مبدأ المساواة بين المنتفعين
لقد ساهم القضاء الإداري في فرنسا مساهمة كبيرة في إظهار النظريات التي تخدم مبدأ حسن سير المرفق بانتظام واطراد ويتجلى ذلك خاصة في نظرية الظروف الطارئة ونظرية الموظف الفعلي.
1- نظرية الظروف الطارئة: تفتر ض نظرية الظروف الطارئة أنه إذا وقعت حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد وأثناء تنفيذه وخارجة عن إرادة المتعاقد وكان من شأنها أن تؤدي إلى إلحاق خسائر غير مألوفة وإرهاق المتعاقد مع الإدارة، فإن للإدارة أن تتفق مع المتعاقد على تعديل العقد وتنفيذه بطريقة تخفف من إرهاق المتعاقد، ويتحمل بعض عبئ هذا الإرهاق بالقدر الذي يمكن المتعاقد من الاستمرار بتنفيذ العقد فإن لم يحصل هذا الاتفاق فإن للقضاء أن يحكم بتعويض المتعاقد تعويضًا نسبيا.
وهذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي، أقرها خروجا على الأصل في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة ''العقد شريعة المتعاقدين'' ضمانًا لاستمرار سير المرافق العامة وللحيلولة دون توقف المتعاقد مع الإدارة عن تنفيذ التزاماته وتعطيل المرافق العامة.
2- نظرية الموظف الفعلي: ضمانًا لمبدأ استمرارية الخدمة العامة صاغ القضاء الفرنسي نظرية الموظف الفعلي، وهذا لتحقيق المقصد بالنسبة بنظرية الظروف الطارئة، والموظف الفعلي شخص يمارس اختصاصًا إداريا معينا رغم وجود عيب جسيم في قرار تعيين شغله لهذه الوظيفة أو لعدم صدور قرار التعيين.
وتقتضي مبادئ القانون إلغاء جميع تصرفاته لأنها صادرة من شخص غير مختص غير أن القضاء وسعيا منه عدم ارتباك أداء الخدمات العامة بانتظام وإطراد أضفى مشروعيته على هذه الأعمال.المطلب الثاني: مبدأ المساواة بين المنتفعين
يقوم هذا المبدأ على أساس التزام الجهات القائمة على إدارة المرافق بأن تؤدي خدماتها لكل من يطلبها من الجمهور ممن تتوافر فيهم شروط الاستفادة منها دون تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو المركز الاجتماعي أو الاقتصادي ولهذا فإن المساواة أمام الإدارة والمرفق العمومي ليس إلا نتيجة على المستوى الإداري للمبدأ العام المتمثل في المساواة أمام القانون، ويمثل هذا الأخير اليوم حقا من حقوق الإنسان.
ولقد كرست هذه القاعدة كل الدساتير الجزائرية بداية بدستور 1963 م إلى غاية دستور 1996م، الذي أشار صراحة إلى هذا المبدأ لاسيما من خلال المادة 29 منه التي تنص: "كل المواطنين سواسية أو القانون" ويترتب على هذا القول نتائج تتمثل في مبادئ فرعية هي المساواة بين المنفعتين من خدمات والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، كذلك المساواة في تحمل الأعباء العامة.
أ- مساواة المنفعتين من خدمات المرفق: تقتضي هذا المبدأ وجوب معاملة المرفق لكل المنفعتين معاملة واحدة دون تفضيل البعض على البعض الأخر لأسباب تتعلق بالجنس أو اللون أو الدين أو الحالة المالية وغيرها ويعود سر إلزام المرفق بالحياد بعلاقته بالمنفعتين إلى أن المرفق ثم إحداثه بأموال عامة بغرض أداء حاجة عامة ومن هنا تعين عليه أن لا يفاضل في مجال الانتفاع بين شخص وشخص، وفئة وأخرى ممن يلبون شروط الانتفاع من خدمات المرفق، ولا يتنافى هذا المبدأ مع سلطة المرفق في فرض بعض الشروط التي تستوجبها القوانين والتنظيمات كالشروط المتعلقة بدفع الرسوم واتباع بعض الأجراءات أو تقديم بعض الوثائق.
ب- المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة ، يترتب على المبدأ وهو المساواة أمام القانون ، مساواة المواطنين في الالتحاق بالوظائف العمومية وهذه المساواة الأخيرة أصبحت اليوم حقا دستوريا بحيث تنص المادة 51 من الدستور: "يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون" وهو المبدأ الذي كرسه كذلك دستور 1989 (المادة 48) ودستور 1976 (المادة 44) وعلى المستوى التشريعي وعلى سبيل المثال فقد أكد على هذا المبدأ الأمر رقم 66/133 المؤرخ في 02 جوان 1966 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة (العامة 05) إلا أن التمتع بهذا الحق لا يمنع المشرع أن يضبط الإلتحاق بالوظائف العمومية بشروط محددة تتعلق بالسن وحسن السيرة، وإجراء الدخول في مسابقة، والمستوى التعليمي...
ولكن يجب الإشارة ، فإذا كان ليس لكل المواطنين الحق الدخول في الوظيفة العمومية ، إلا أنه يجب أن لا يتعرضوا للتمييز إذا توفرت لديهم الشروط القانونية المطلوبة.
ج- المساواة في الالتزامات والأعباء: المساواة في الالتزامات والأعباء هي مظهر من مظاهر المساواة أمام المرفق العمومي. فيما يخص المساواة أمام الالتزامات يمكن أن نذكر على سبيل المثال المساواة أمام أعباء الخدمة الوطنية بحيث تنص المادة 01 من الأمر 74/103 المؤرخ في 15 نوفمبر 1974 المتضمن قانون الخدمة الوطنية: "إن الخدمة الوطنية إلزامية بالنسبة لجميع الأشخاص المتمتعين بالجنسية الجزائرية و المكملين 19 سنة من عمرهم".وهي على قدم المساواة تجاه الجميع"
أما فيما يخص الأعباء ، فهي تستهدف أساسا المساواة أمام الأعباء الجبائية وذلك بموجب قاعدة مساواة الجميع أمام الضريبة.
المطلب الثالث: مبدأ قابلية المرفق العام للتغير
ولقد كرست هذه القاعدة كل الدساتير الجزائرية بداية بدستور 1963 م إلى غاية دستور 1996م، الذي أشار صراحة إلى هذا المبدأ لاسيما من خلال المادة 29 منه التي تنص: "كل المواطنين سواسية أو القانون" ويترتب على هذا القول نتائج تتمثل في مبادئ فرعية هي المساواة بين المنفعتين من خدمات والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، كذلك المساواة في تحمل الأعباء العامة.
أ- مساواة المنفعتين من خدمات المرفق: تقتضي هذا المبدأ وجوب معاملة المرفق لكل المنفعتين معاملة واحدة دون تفضيل البعض على البعض الأخر لأسباب تتعلق بالجنس أو اللون أو الدين أو الحالة المالية وغيرها ويعود سر إلزام المرفق بالحياد بعلاقته بالمنفعتين إلى أن المرفق ثم إحداثه بأموال عامة بغرض أداء حاجة عامة ومن هنا تعين عليه أن لا يفاضل في مجال الانتفاع بين شخص وشخص، وفئة وأخرى ممن يلبون شروط الانتفاع من خدمات المرفق، ولا يتنافى هذا المبدأ مع سلطة المرفق في فرض بعض الشروط التي تستوجبها القوانين والتنظيمات كالشروط المتعلقة بدفع الرسوم واتباع بعض الأجراءات أو تقديم بعض الوثائق.
ب- المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة ، يترتب على المبدأ وهو المساواة أمام القانون ، مساواة المواطنين في الالتحاق بالوظائف العمومية وهذه المساواة الأخيرة أصبحت اليوم حقا دستوريا بحيث تنص المادة 51 من الدستور: "يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون" وهو المبدأ الذي كرسه كذلك دستور 1989 (المادة 48) ودستور 1976 (المادة 44) وعلى المستوى التشريعي وعلى سبيل المثال فقد أكد على هذا المبدأ الأمر رقم 66/133 المؤرخ في 02 جوان 1966 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة (العامة 05) إلا أن التمتع بهذا الحق لا يمنع المشرع أن يضبط الإلتحاق بالوظائف العمومية بشروط محددة تتعلق بالسن وحسن السيرة، وإجراء الدخول في مسابقة، والمستوى التعليمي...
ولكن يجب الإشارة ، فإذا كان ليس لكل المواطنين الحق الدخول في الوظيفة العمومية ، إلا أنه يجب أن لا يتعرضوا للتمييز إذا توفرت لديهم الشروط القانونية المطلوبة.
ج- المساواة في الالتزامات والأعباء: المساواة في الالتزامات والأعباء هي مظهر من مظاهر المساواة أمام المرفق العمومي. فيما يخص المساواة أمام الالتزامات يمكن أن نذكر على سبيل المثال المساواة أمام أعباء الخدمة الوطنية بحيث تنص المادة 01 من الأمر 74/103 المؤرخ في 15 نوفمبر 1974 المتضمن قانون الخدمة الوطنية: "إن الخدمة الوطنية إلزامية بالنسبة لجميع الأشخاص المتمتعين بالجنسية الجزائرية و المكملين 19 سنة من عمرهم".وهي على قدم المساواة تجاه الجميع"
أما فيما يخص الأعباء ، فهي تستهدف أساسا المساواة أمام الأعباء الجبائية وذلك بموجب قاعدة مساواة الجميع أمام الضريبة.
المطلب الثالث: مبدأ قابلية المرفق العام للتغير
إن المرافق العامة تخضع لقوانين ، وتنظيمات منها ما يحكم المرفق العام من حيث تنظيمه وهيكله، ولا يقتصر التغيير على القواعد المنظمة للمرفق العام بل يمتد أيضا لإسلوب إدارته ، فيحق تغيير أسلوب الإدارة من الإدارة المباشرة إ‘ى المؤسسة العامة، أو من المؤسسة العامة إلى الشركة المختلطة ، وللمرفق أيضا أن يفرض رسوم لقاء الخدمات التي يقدمها أو أن يخفض من هذه الرسوم إذا رأى في ذلك مصلحة، ولا يجوز لأي كان الاحتجاج على هذا التغير وبناء على هذا المبدأ إذا كثرت الإدارة في نظام المرفق من أسلوب إلى إلى آخر فليس للموظفين التمسك بمجانية الخدمة خاصة إذا غيرت الإدارة الأسلوب إلى آخر ، فليس للموظفين التمسك بالنظام القديم الذي كاد يحكمهم ، كما أنه ليس من حق المنتفعين التمسك بمجانية الخدمة خاصة إذا غيرت الإدارة الأسلوب من طريقة الاستغلال المباشر إلى أسلوب المؤسسة.
كما أنه ليس من حق المتعاقد مع الإدارة في عقد الإلتزام أن يحول دون ممارسة حقها في تغير بعض بنود العقد بما يتماشى ومصلحة المنتفعين ومصلحة المنتفعين مع الاحتفاظ بحقه في التوازن المالي.
والملاحظ أن هذا المبدأ هو تلبية لمتطلبات الواقع واستجابة لقانون موضوعي للنظام الاجتماعي والبديهية الطبيعية ، لأن المرفق العام هو نشاط ملموس وإذا كانت خدمة الصالح الاقتصادي وضخامة الطلب الاجتماعي ، وبعبارة أخرى تسيير المرافق يجب أن يتكييف باستمرار مع متطلبات الصالح العام المتغيرة.
كما أنه ليس من حق المتعاقد مع الإدارة في عقد الإلتزام أن يحول دون ممارسة حقها في تغير بعض بنود العقد بما يتماشى ومصلحة المنتفعين ومصلحة المنتفعين مع الاحتفاظ بحقه في التوازن المالي.
والملاحظ أن هذا المبدأ هو تلبية لمتطلبات الواقع واستجابة لقانون موضوعي للنظام الاجتماعي والبديهية الطبيعية ، لأن المرفق العام هو نشاط ملموس وإذا كانت خدمة الصالح الاقتصادي وضخامة الطلب الاجتماعي ، وبعبارة أخرى تسيير المرافق يجب أن يتكييف باستمرار مع متطلبات الصالح العام المتغيرة.
الخاتمة :
ظل المرفق العام يشكل محورا أساسيا في القانون الإداري ، سواء تم النظر إليه من خلال العمل القضائي أو الفقهي ، فإن هناك من يرى أن المرفق العام يمثل أساس مختلف نظريات القانون الإداري.
وبالتالي فإن النظر إلى مفهوم المرفق العام كإشكالية عامة يتيح الوقوف على عدة ملاحظات من قبيل أن المرفق العام أصبح رهينة لتجاذبات صعبة تقف ورائها الأزمات القديمة والتحديات الجديدة ، على حد سواء وذلك بسبب اتساع مجال استعمالات المرفق العام واهتزاز الاختيارات الاقتصادية بدرجات معينة ، مع ما يرافق ذلك من تطورات عديدة ومتلاحقة مست بالوظائف والأنظمة القانونية ومجمل الإشكالات التعريفية لمفهوم المرفق العام.
إن ما يمكن استنتاجه مما سبق، هو تسجيل يحول عميق على المفهوم التقليدي للمرفق العام خاصة من حيث المبادئ التي تحكم هذا الأخير بحيث لم يعد يرسي خصوصياته كنظام قانوني وأنماط تدبيرية على مقولة المصلحة العامة التي أصبحت عبارة عن مفهوم عام وفضفاض، يستخدم بطريقة احتياطية من أجل أن يصلح لأي شيء وكذلك حدوث اندفاع قوي باتجاه ثقافة تسير له تكون قائمة على معايير جديدة ، من قبيل النجاعة والتقويم إلى درجة تطوير المؤشرات والمبادئ القانونية التقليدية للمرفق العام.
وبالتالي فإن النظر إلى مفهوم المرفق العام كإشكالية عامة يتيح الوقوف على عدة ملاحظات من قبيل أن المرفق العام أصبح رهينة لتجاذبات صعبة تقف ورائها الأزمات القديمة والتحديات الجديدة ، على حد سواء وذلك بسبب اتساع مجال استعمالات المرفق العام واهتزاز الاختيارات الاقتصادية بدرجات معينة ، مع ما يرافق ذلك من تطورات عديدة ومتلاحقة مست بالوظائف والأنظمة القانونية ومجمل الإشكالات التعريفية لمفهوم المرفق العام.
إن ما يمكن استنتاجه مما سبق، هو تسجيل يحول عميق على المفهوم التقليدي للمرفق العام خاصة من حيث المبادئ التي تحكم هذا الأخير بحيث لم يعد يرسي خصوصياته كنظام قانوني وأنماط تدبيرية على مقولة المصلحة العامة التي أصبحت عبارة عن مفهوم عام وفضفاض، يستخدم بطريقة احتياطية من أجل أن يصلح لأي شيء وكذلك حدوث اندفاع قوي باتجاه ثقافة تسير له تكون قائمة على معايير جديدة ، من قبيل النجاعة والتقويم إلى درجة تطوير المؤشرات والمبادئ القانونية التقليدية للمرفق العام.
قائمة الهوامش
عمار بوضياف ، النشاط الإداري ، مقال منشور على شبكة الأنترنت على الموقع ، تاريخ الولوج : 05/04/2015 على الساعة 17:30
2 مازن ليلوراضي، القانون الإداري، بدون طبعة ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، مصر، 2005، ص168.
3 محمد الصغير بعلي، القانون الإداري (التنظيم الإداري، النشاط الإداري)، بدون طبعة دار العلوم للنشر والتوزيع ، عنابة ، الجزائر، 2004، ص205.
4 عمار عوابدي ، القانون الإداري، الجزء الثاني، النشاط الإداري ، بدون طبعة، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 2002، ص56.
5 محمد الصغير بعلي، المرجع السابق، ص206.
6 عمار عوابدي ، المرجع السابق، ص57.
7 محمد الصغير بعلي، المرجع السابق، ص206.
8 هيام مروة ، القانون الإداري الخاص، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان ، 2003، ص7.
9 مازن ليلو راضي، المرجع السابق، ص187.
10 محمود محمد حافظ ، نظرية المرفق العام، بدون طبعة ، دار
2 مازن ليلوراضي، القانون الإداري، بدون طبعة ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، مصر، 2005، ص168.
3 محمد الصغير بعلي، القانون الإداري (التنظيم الإداري، النشاط الإداري)، بدون طبعة دار العلوم للنشر والتوزيع ، عنابة ، الجزائر، 2004، ص205.
4 عمار عوابدي ، القانون الإداري، الجزء الثاني، النشاط الإداري ، بدون طبعة، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 2002، ص56.
5 محمد الصغير بعلي، المرجع السابق، ص206.
6 عمار عوابدي ، المرجع السابق، ص57.
7 محمد الصغير بعلي، المرجع السابق، ص206.
8 هيام مروة ، القانون الإداري الخاص، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان ، 2003، ص7.
9 مازن ليلو راضي، المرجع السابق، ص187.
10 محمود محمد حافظ ، نظرية المرفق العام، بدون طبعة ، دار
التعليقات على الموضوع