روايتها الجديدة "نساء في الجحيم" العمود الأخيــــر
العمود الأخيــــر
بقلم الروائية الجزائرية / عائشة بنّور
من روايتها الجديدة "نساء في الجحيم"
لوركا....
يوم مولدك، يذكرني بإعدام لوركا الذي بُعث فيك من جديد، لوركا لم تشفع له المدينة عشقه لها، أعدم لوركا بالرصاص تاركا وراءه:
"وعرفت أنني قتلت
وبحثوا عن جثتي في المقاهي والمدافن والكنائس
فتحوا البراميل والخزائن
سرقوا ثلاث جثثٍ
ونزعوا أسنانها الذهبية
ولكنهم لم يجدوني قط "
آه.. غسان...
عند اغتيالك كان عمرك ستة وثلاثين عاما، وأعدم لوركا وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، وفي نفس الشهر يُغيب الموت أجسادكما، ولكنه لم يقبر أحلامكما، ثلاث سنوات بينكما كانت كافية لإغتيال تلك الروح المتقدة بالحبّ والعطاء وروح المقاومة.
غسان ولوركا كانا يكشفان عن روح المبدع، عن حبّ الحياة، وعن الجلاّد والقاتل الذي يسلب الحياة.
هكذا كان غسان، وكان لوركا، وكان الجلاّد والقاتل، وكانت الحياة بلون روح المبدع التي مازالت ترفرف في السماء.
قلت..
كان ثمّة رجل اسمه غسان في حياتي يفوق الحقيقة المطلقة التي ترفض الزيف والركوع ويحوِّل الألم إلى ثورة تشتعل كلما رسم صورة الشخصية الفدائيــة، المناضلة، المقاومة للاضطهاد بكل أنواعه، وهي "الفخر بحب رجل كهذا أهدى روحه لوطنه."
تنهدت في أعماقي وأنا أواصل الكتابة.
كان غسان الكاتب الوجه الآخر لشخصية المقاوم والثائر والقاسي والمعذب الذي فرقت الأقدار بينه وبين من يحب ليعيش في المنفى كالكثير ممن فرض عليهم ذلك.
غسان نسجت الملائكة كفنه عبر البراري وهو يحمل قلبه في كف يده، دماؤه تشتعل حبا وتفيض ألما، وهو الذي كان يقول:
ـ"كنتُ أُجْلَد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة وبدت لي حياتي كلها تافهة..."
لا أعتقد أن شخصية مثل غسان، الذي اغتالته يد الإجرام وفجرت جسده أو غيره ممن يحملون قضية أمة، أن يكون الحبّ عـدو نضالهم، فالإنسان المحب للحياة يرفض وأد الحياة واغتصاب الأرض والطير والزرع وقتل البراءة وكل ما يغني للحياة، وبالتالي لا يحوِّله عن هدفه، بل يزيده اصرارا وقوة من أجل الحياة في وطنه.
ما كان يعانيه غسان من مرض نخر جسده وألم الروح واحتراقها بفقدان الوطن، جعل منه انسانا محبا يرفض الذل والإضطهاد والتواري عن الأنظار.
الحُبّ والنضال هما وجهان لعملة واحدة، أوجه الهزيمة والمرارة والشكوى والعتاب والألم والضياع والحرمان بفقد الوطن والحبيبة، هو نضال من أجل البقاء.
الحُبُّ يكشف بعدا آخر من أبعاد الشخصية الثائرة التي تناضل من أجل الحبّ والسلام، فمن حق هذا المناضل أن يحبّ، ومن حقه أن يعيش لحظة حلم من عمره، هو يدرك أنها قد تكون الأخيرة لكنه يستمر في نضاله وفي حبه.
كيف نطلب من المناضل أن يكون إنسانا ولا يخفق قلبه ولو لساعات من العمر الباقية؟
وبلغة المناضل العاشق كان يقول غسان لي:
ـ "إن الشيء الوحيد الذي أردته في حياتي لا أستطيع الحصول عليه، لقد تبين لي أن حياتي جميعها كانت سلسلة من الرفض ..."
هذا هو مقالي الذي نشرته يا حبيب العمر في عمودك الأسبوعي، فسامحني لأنني لم أستطع أن لا أكتب عنك شيئا كي أطفئ لهيب الوداع...
"وعرفت أنني قتلت
وبحثوا عن جثتي في المقاهي والمدافن والكنائس
فتحوا البراميل والخزائن
سرقوا ثلاث جثثٍ
ونزعوا أسنانها الذهبية
ولكنهم لم يجدوني قط "
آه.. غسان...
عند اغتيالك كان عمرك ستة وثلاثين عاما، وأعدم لوركا وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، وفي نفس الشهر يُغيب الموت أجسادكما، ولكنه لم يقبر أحلامكما، ثلاث سنوات بينكما كانت كافية لإغتيال تلك الروح المتقدة بالحبّ والعطاء وروح المقاومة.
غسان ولوركا كانا يكشفان عن روح المبدع، عن حبّ الحياة، وعن الجلاّد والقاتل الذي يسلب الحياة.
هكذا كان غسان، وكان لوركا، وكان الجلاّد والقاتل، وكانت الحياة بلون روح المبدع التي مازالت ترفرف في السماء.
قلت..
كان ثمّة رجل اسمه غسان في حياتي يفوق الحقيقة المطلقة التي ترفض الزيف والركوع ويحوِّل الألم إلى ثورة تشتعل كلما رسم صورة الشخصية الفدائيــة، المناضلة، المقاومة للاضطهاد بكل أنواعه، وهي "الفخر بحب رجل كهذا أهدى روحه لوطنه."
تنهدت في أعماقي وأنا أواصل الكتابة.
كان غسان الكاتب الوجه الآخر لشخصية المقاوم والثائر والقاسي والمعذب الذي فرقت الأقدار بينه وبين من يحب ليعيش في المنفى كالكثير ممن فرض عليهم ذلك.
غسان نسجت الملائكة كفنه عبر البراري وهو يحمل قلبه في كف يده، دماؤه تشتعل حبا وتفيض ألما، وهو الذي كان يقول:
ـ"كنتُ أُجْلَد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة وبدت لي حياتي كلها تافهة..."
لا أعتقد أن شخصية مثل غسان، الذي اغتالته يد الإجرام وفجرت جسده أو غيره ممن يحملون قضية أمة، أن يكون الحبّ عـدو نضالهم، فالإنسان المحب للحياة يرفض وأد الحياة واغتصاب الأرض والطير والزرع وقتل البراءة وكل ما يغني للحياة، وبالتالي لا يحوِّله عن هدفه، بل يزيده اصرارا وقوة من أجل الحياة في وطنه.
ما كان يعانيه غسان من مرض نخر جسده وألم الروح واحتراقها بفقدان الوطن، جعل منه انسانا محبا يرفض الذل والإضطهاد والتواري عن الأنظار.
الحُبّ والنضال هما وجهان لعملة واحدة، أوجه الهزيمة والمرارة والشكوى والعتاب والألم والضياع والحرمان بفقد الوطن والحبيبة، هو نضال من أجل البقاء.
الحُبُّ يكشف بعدا آخر من أبعاد الشخصية الثائرة التي تناضل من أجل الحبّ والسلام، فمن حق هذا المناضل أن يحبّ، ومن حقه أن يعيش لحظة حلم من عمره، هو يدرك أنها قد تكون الأخيرة لكنه يستمر في نضاله وفي حبه.
كيف نطلب من المناضل أن يكون إنسانا ولا يخفق قلبه ولو لساعات من العمر الباقية؟
وبلغة المناضل العاشق كان يقول غسان لي:
ـ "إن الشيء الوحيد الذي أردته في حياتي لا أستطيع الحصول عليه، لقد تبين لي أن حياتي جميعها كانت سلسلة من الرفض ..."
هذا هو مقالي الذي نشرته يا حبيب العمر في عمودك الأسبوعي، فسامحني لأنني لم أستطع أن لا أكتب عنك شيئا كي أطفئ لهيب الوداع...
غـادة
التعليقات على الموضوع