تحليلُ النّص النظري المنظّر لتيّار "تجديد الرّؤيا"
متن النّصّ:
قصيدةُ الرُّؤيا
لعلَّ خيرَ ما نعرٍّف به الشِّعر الجديد هو أنَّه رؤيا. والرُّؤيا، بطبيعتها، قفزة خارج المفاهيم القائمةِ. هي، إذن تغييرٌ في نظام الأشياء وفي نظام النَّظر إليها، هكذا يبدو الشِّعر الجديدُ، أوَّل ما يبدو تمرُّدا على الأشكال و الطُّرُق الشِّعرية القديمة ، ورفضا لمواقفه وأساليبه التي استنفدَتْ أغراضها ، فقِوامُ الشِّعر الجديد معنًى خلاَّقٌ توليديٌّ، لا معنًى سرديٌّ وصفيٌّ. إنَّه كما يقول الشاعر الفرنسيُّ المعاصر" رِينه شار" ( الكَشف عن عالمٍ أبدا في حاجةٍ إلى الكشف) ولذلك فإنَّ من خصائصه أن يعبِّر عن قلقِ الإنسان، أبديًّا. الشَّاعر الجديد، والحالةُ هذه، متفرِّد، متمزٌ في الخلق وفي مجال انهماكاته الخاصَّة، كشاعرٍ. وشعرُه مركزُ استقطابٍ لمشكلاتٍ كيانيَّة يعانيها في حضارته وأُمَّته وفي نفسه هو، بالذّاتِ.
هكذا يمكننا القول إنَّ الشِّعر الجديد نوعٌ من المعرفة التي لها قوانينها الخاصَّةُ في معزِلٍ عن قوانين العلم، إنَّه إحساسٌ شامل بحضورنا، وهو دعوة لوضعِ معنَى الظواهر من جديد، موضعَ البَحث والشَّكِّ. وهو، لذلك يصدُر عن حساسيَّة ميتافيزيقيَّة، تُحسُّ الأشياء إحساسا كَشْفيا وَفْقاً لجوهرِها وصميمها اللَّذين لا يدركهما العقلُ والمنطق بل يدركهما الخيالُ والحلم .إنَّ الشِّعر الجَديد، من هذه الوِجهة، هو ميتَافيزياء الكيان الإِنسانيِّ.
من هنا يتَّجه الشِّعر إلى التخلِّي عن الأمور التَّاليَّة:
إنه يتخلَّى عن الحادثة، إذْ إِنَّ هناك تنافراً بين الحادثة والشِّعر، فعلى الشاعر الحقِّ أن يتناول من مظاهر العصر أكثرَها ثباتاً وديْمومة- المظاهر التي لا تفقِد دلالَتها في المستقبل- ذلك أنَّ الشِّعر العظيم يتَّجه نحو المستقبل .ثمَُّ إنّ الشِّعر هو اقلُّ أنواعُ الفنون حاجة إلى الارتباط بالزّمان والمكان ، لأنّه في غير حاجةٍ إلى موادّ محسوسةٍ، ولا علاقة لنُموِّه وموته بنُموِّ المدنيات وموتها، كما يُفَكِّرُ البعض. فجوهر الشِّعر، كما يقول" بودلير"، هو ( السَّير دائما ضدَّ الحادثة).
هكذا يمكننا القول إنَّ الشِّعر الجديد نوعٌ من المعرفة التي لها قوانينها الخاصَّةُ في معزِلٍ عن قوانين العلم، إنَّه إحساسٌ شامل بحضورنا، وهو دعوة لوضعِ معنَى الظواهر من جديد، موضعَ البَحث والشَّكِّ. وهو، لذلك يصدُر عن حساسيَّة ميتافيزيقيَّة، تُحسُّ الأشياء إحساسا كَشْفيا وَفْقاً لجوهرِها وصميمها اللَّذين لا يدركهما العقلُ والمنطق بل يدركهما الخيالُ والحلم .إنَّ الشِّعر الجَديد، من هذه الوِجهة، هو ميتَافيزياء الكيان الإِنسانيِّ.
من هنا يتَّجه الشِّعر إلى التخلِّي عن الأمور التَّاليَّة:
إنه يتخلَّى عن الحادثة، إذْ إِنَّ هناك تنافراً بين الحادثة والشِّعر، فعلى الشاعر الحقِّ أن يتناول من مظاهر العصر أكثرَها ثباتاً وديْمومة- المظاهر التي لا تفقِد دلالَتها في المستقبل- ذلك أنَّ الشِّعر العظيم يتَّجه نحو المستقبل .ثمَُّ إنّ الشِّعر هو اقلُّ أنواعُ الفنون حاجة إلى الارتباط بالزّمان والمكان ، لأنّه في غير حاجةٍ إلى موادّ محسوسةٍ، ولا علاقة لنُموِّه وموته بنُموِّ المدنيات وموتها، كما يُفَكِّرُ البعض. فجوهر الشِّعر، كما يقول" بودلير"، هو ( السَّير دائما ضدَّ الحادثة).
ولأنَّ الشِّعر الجديد يتخلَّى عن الحادثة ، فهو يَبْطُل أن يكونَ شعرَ " وقائعَ" أو شعراً" واقعيا" بالمعنى الشَّائع لهذه الكلمة ، إذ يُصبح الشّعرُ "واقعيا" يقترب ُ من النَّثر العادي لأنَّه يضطر، انسجاما مع غابته، أن يستخدم الكلمات وَفْقا لدلالتها المألوفة. وهذا بالضَّبط، ضدَّ مهمة الشِّعر الحقِّ الذي يُفرغُ الكلمة من ثِقْلِها العتيقِ المظلم، ويشحَنُها بدَلالة جديدةٍ غيْرِ مألوفة.
ويتخلَّى الشِّعر الجديد، أيضا، عن الجُزئيَّة، فلا يمكن للشِّعر أن يكون عظيما إلا إذا لمحنا وراءهُ رؤيا للعالم. ولا يجوز أن تكون هذه الرُّؤيا منطقيَّة، أو أن تكشف عن رغبة مباشرة في الإصلاح، أو أن تكون عرضا لإيديولوجيَّةٍ ما، رغم أن الشعر الجديد مركزُ جاذبيَّةٍ لجميع حقولِ الفِكْر.
ويتخلَّى الشِّعر الجديدُ عن الرُّؤية الأفُقية، ففي مُعظم شعرنا المعاصر والقديمِ تبدو الحياة مشهداً، أو ريفا أو نزهةً. فهو بنظر إلى الأشياء باعتبارها أشكالا أو وظائفَ. ولذلك تبدو فيهِ العلاقة بين الإنسان والعالم علاقةً شكليًّة. بالشِّعر الجديد نتجاوز السَّطح، لنغُوصَ في الأشياء وراء ظواهرها، حيثُ يمكننا أن نرى العالم في حيويَّته وطاقاته على التَّجدُّد، وأن نتَّحدَ معه.
ويتخلَّى الشِّعر الجديد عن التفكُّك البنائيِّ فنحن نرى في معظمِ القصائد المعاصرةِ تشقُّقاً في هيكلِها ووحدَتها. هناك مضامينُ قد تعدُّ حديثة تاريخيّاَ، ولكنَّ التعبير عنها تعبيرٌ قديم يقوم على الخطابية- وعلى التركيب المباشر، وعلى التّشابيه والنُّعوت والاستعارات التي تخلَّى عنها الشِّعر الجديدُ ، واستعاض عنها بالصُّورة التركيبيَّة: الصُّورة- الرَّمزُ، أو الصُّورة- الشَّيْءُ.
ويتخلَّى الشِّعر الجديد، أيضا، عن الجُزئيَّة، فلا يمكن للشِّعر أن يكون عظيما إلا إذا لمحنا وراءهُ رؤيا للعالم. ولا يجوز أن تكون هذه الرُّؤيا منطقيَّة، أو أن تكشف عن رغبة مباشرة في الإصلاح، أو أن تكون عرضا لإيديولوجيَّةٍ ما، رغم أن الشعر الجديد مركزُ جاذبيَّةٍ لجميع حقولِ الفِكْر.
ويتخلَّى الشِّعر الجديدُ عن الرُّؤية الأفُقية، ففي مُعظم شعرنا المعاصر والقديمِ تبدو الحياة مشهداً، أو ريفا أو نزهةً. فهو بنظر إلى الأشياء باعتبارها أشكالا أو وظائفَ. ولذلك تبدو فيهِ العلاقة بين الإنسان والعالم علاقةً شكليًّة. بالشِّعر الجديد نتجاوز السَّطح، لنغُوصَ في الأشياء وراء ظواهرها، حيثُ يمكننا أن نرى العالم في حيويَّته وطاقاته على التَّجدُّد، وأن نتَّحدَ معه.
ويتخلَّى الشِّعر الجديد عن التفكُّك البنائيِّ فنحن نرى في معظمِ القصائد المعاصرةِ تشقُّقاً في هيكلِها ووحدَتها. هناك مضامينُ قد تعدُّ حديثة تاريخيّاَ، ولكنَّ التعبير عنها تعبيرٌ قديم يقوم على الخطابية- وعلى التركيب المباشر، وعلى التّشابيه والنُّعوت والاستعارات التي تخلَّى عنها الشِّعر الجديدُ ، واستعاض عنها بالصُّورة التركيبيَّة: الصُّورة- الرَّمزُ، أو الصُّورة- الشَّيْءُ.
إذا كان عالمُ الشِّعر الجديدِ هو غيرُ العالم المتواضَع عليه، أيْ العالمُ الذي لم يحدَّد بعدُ ، فإنَّ" اكتشافَ ما لا يُعرَف يَفترض أشكالا جديدة" كما يقول " رامبو" أيْ لم تُعرفْ. والشَّكلُ الشِّعريُّ هو أوَّلا ، كيفيَّةُ وجود، أي بناءٌ فنِّيٌّ، وهو ثانيا، كيفيَّةُ تعبيرٍ، أي طريقةٌ.
إنَّ الشِّعر الجديدَ باعتباره كشْفا ورؤيا، غامضٌ متردِّد، لا منطقيٌّ. ولهذا لا بدَّ له من العلُوِّ على الشُّروط الشَّكليَّة، لأنَّه بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الحرِّيَّة، مزيدٍ من السِّر والنُّبوَّة .فالشَّكل يمَّحي أمام القَصد والهدَف، ومع ذلك فإنَّ تحديدَ شعْرٍ جديد خاصٍّ بنا نحن، في هذا العصر، لا يُبْحث عنه، جوهريًّا، في فوضَى الشَّكل ولا في التخلِّي المتزايد عن شروطِ البيت، بل في وظيفةِ الممارسة الشِّعريَّة التي هي طاقةُ ارتيادٍ وكشْفٍ، فهذه الطَّاقة الخلاَّقة في الشاعر تظَلُّ فوق الأشكال المُمْكِنة كلِّها.
علي أحمد سعيد:زمن الشّعر.دار العودة.بيروت.ط.1. 1972. ص 9 وما بعدها بتصرّف.
إنَّ الشِّعر الجديدَ باعتباره كشْفا ورؤيا، غامضٌ متردِّد، لا منطقيٌّ. ولهذا لا بدَّ له من العلُوِّ على الشُّروط الشَّكليَّة، لأنَّه بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الحرِّيَّة، مزيدٍ من السِّر والنُّبوَّة .فالشَّكل يمَّحي أمام القَصد والهدَف، ومع ذلك فإنَّ تحديدَ شعْرٍ جديد خاصٍّ بنا نحن، في هذا العصر، لا يُبْحث عنه، جوهريًّا، في فوضَى الشَّكل ولا في التخلِّي المتزايد عن شروطِ البيت، بل في وظيفةِ الممارسة الشِّعريَّة التي هي طاقةُ ارتيادٍ وكشْفٍ، فهذه الطَّاقة الخلاَّقة في الشاعر تظَلُّ فوق الأشكال المُمْكِنة كلِّها.
علي أحمد سعيد:زمن الشّعر.دار العودة.بيروت.ط.1. 1972. ص 9 وما بعدها بتصرّف.
تحليلُ النصّ :
لم يقفْ تطوُّر الشِّعر العربيِّ الحديثِ عند قصيدة تكسير البنية، بل استمرَّ في الحركيَّة والتطوُّر ليُنتجَ خطابا جديداً يقوم على أساسِ تجديد الرؤيا إلى الواقعِ والنَّفس والعالم والحضارة، وهكذا أصبحت القصيدةُ رؤيا تتطوَّر تبعا لنمُوِّ التَّجربة الشِّعرية وكثَافتها وعمْقِها ودرجة انفتاحها على العالم، وكذا قدرتها على التَّعبير عنِ الوجود. وشعرُ الرُّؤيا هو ذلك الشِّعر الذي يخرج عن المألوف ويقفِز على المفاهيم الجاهزة، ويستشرفُ المستقبل، ويتمرَّد على الأشكال النَّمطيَّة، ويعبِّر عن الواقع والتَّجربة بلغةٍ خارجة عن المألوف جديدةٍ كلَّ الجِدّة ، وبأسلوبٍ جديد وصور تقوم في بنائها على الرَّمز والأسطورة . وقد رافقت حركة تجديد الرُّؤيا منذُ بدايتها تنظيراتٌ ودراساتٌ ترومُ كشْف مفهومها وطبيعتها وخصائصها، وساعد في ذلك أنّ شعراء تجديدِ الرُّؤْيا هم أنفسهم النُّقّاد المنظّرون لها، ومن هؤُلاءِ الذين حمَلوا على عاتقهم مَهمَّة التَّأصيل لشعر الرؤيا نذكر: حسن مخافي، ومحمد الفارس، وأحمد رحماني، ويعدُّ علي أحمد سعيد أدونيس أوَّل من رسَّخ مفهومَ شعر الرُّؤيا في النَّقد العربيِّ، وهو شاعر وناقد سوريٌّ، عُرف بغزارة ثقافته وكثرةِ نَهْله من الثقافة العربية وتأثره بالمدارس الشِّعرية الغربية، له عدة مؤلَّفات نذكر منها " الثابتُ والمتحوّل " و" الشّعرية العربية "، وكتاب "زمن الشعر" الذي اقْتُطِفَ منه النَّصُّ قيْد الدِّراسة. فما القضيَّة المطروحة ؟ وما مفاهيمها ؟ وماذا عن إطارها المرجعيِّ ؟ وما طرائق عرضها ؟
جاء عنوان النص"قصيدة الرؤيا" جملة اسمية مكونة من مضاف ومضاف إليه ، يشكلان مبتدأ لخبر محذوف تقديره " متن النص "، ومن الناحية الدّلالية نفهم من العنوان أنّه يتحدَّث عن نوع أدبيّ هو الشعر ، وتحديدا شعر الرؤيا، والرؤيا هي الوحي والإلهام والحلم والإدراك والكشف. فإلى أي حد يعكس العنوان مضمون النص؟
وانطلاقا من عنوان النَّصِّ " قصيدة الرُّؤيا " واتكاءً على بعضِ المشيرات النَّصِّيَّة من قبيل " الرّؤيا، قفزة خارج المفاهيم القائمة، تغيير في نظام الأشياء، معنى خلاّق توليديّ، لا يدركهما العقل والمنطق ، يتخلى عن الحادثة.." نفترض أن النَّص الذي بين أيدينا عبارة عن نصّ نظريّ ينضوي تحت خطاب تجديد الرؤيا ، يعالج فيه الكاتب "قضية أدبية" تتمثَّل في "خصائص شِعر الرُّؤيا ومفهومه والفرقِ بينة وبين شعر الموقف والموضوع". فما الوسائل الفنِّيَّة التي استعان بها الكاتب للدِّفاع عن قضيَّته ؟
وانطلاقا من عنوان النَّصِّ " قصيدة الرُّؤيا " واتكاءً على بعضِ المشيرات النَّصِّيَّة من قبيل " الرّؤيا، قفزة خارج المفاهيم القائمة، تغيير في نظام الأشياء، معنى خلاّق توليديّ، لا يدركهما العقل والمنطق ، يتخلى عن الحادثة.." نفترض أن النَّص الذي بين أيدينا عبارة عن نصّ نظريّ ينضوي تحت خطاب تجديد الرؤيا ، يعالج فيه الكاتب "قضية أدبية" تتمثَّل في "خصائص شِعر الرُّؤيا ومفهومه والفرقِ بينة وبين شعر الموقف والموضوع". فما الوسائل الفنِّيَّة التي استعان بها الكاتب للدِّفاع عن قضيَّته ؟
عمِلَ الكاتبُ في مقالته على التطرّق إلى قضيّة أدبية رئيسيّة هي "التَّعريف بشعرِ الرُّؤيا وذلك بإبراز بعض خصائصه الشَّكلية والمضمونيَّة؛ حيث بدأ بإعطاء تعريفٍ لشعر الرؤيا مؤَدّاهُ أنّه قفزةٌ خارج المفاهيم القائمة، وتمردٌّ على الأشكال والطرق القديمة، إضافة إلى أنه يقوم على الخلق والتوليد والكشف والخيال والحلم، وبعد وضع اليد على مفهوم شعر الرؤيا، انتقَل صاحب النص إلى إبراز جملةٍ من الخصائص التي تميِّز هذا الشِّعر وهي على التَّوالي :
التخلّي عن الحادثة والتعبير عن الأمُور الأكثر ديناميّة وثباتا؛
الابتعادُ عن الوقائع، والتّعبير عنها بكلمات ذات دلالات غير مألوفة؛
التخلي عن الجزئية وتبنِّي النظرة الكلِّيَّة للعالم؛
التخلِّي عن الرُّؤية الأفقية للمشاهد والأحداث وتبنِّي الرُّؤية العموديَّة؛
التَّخلِّي عن التفكُّك البنائيِّ.
التخلّي عن الحادثة والتعبير عن الأمُور الأكثر ديناميّة وثباتا؛
الابتعادُ عن الوقائع، والتّعبير عنها بكلمات ذات دلالات غير مألوفة؛
التخلي عن الجزئية وتبنِّي النظرة الكلِّيَّة للعالم؛
التخلِّي عن الرُّؤية الأفقية للمشاهد والأحداث وتبنِّي الرُّؤية العموديَّة؛
التَّخلِّي عن التفكُّك البنائيِّ.
وإذا كان مفهومُ الرؤيا مفهوما مركزيا في النص فإن الكاتب قد أضاءَه وبيَّنه بمجموعة من المفاهيم الأخرى نذكر منها :
التمرّد : أي الثورة والانقلاب على الأشكال والطرق والأساليب القديمة؛
التّجاوز : أي تجاوز المفاهيم القائمة بالقفز عليها؛
الاستشرافٌ: أي التطلّع إلى المستقبل والحلم والغد؛
الكشفٌ : أي البحث عن عالم جديد.
وبناء على ما سبق فشعر الرُّؤيا تمرُّد وتجاوزٌ واستشرافٌ وكشفٌ، والذي يجمع بين هذه المصطلحات هو التطلُّع إلى التَّجديد.
و قد تفرَّعت القضية الرئيسيّة إلى قضايا كثيرة، يمكن تجسيدها على شكل ثنائيات ضدِّيّة فيما يلي :
رؤية مستقبليَّة// رؤية أفقية : والمقصود بالرُّؤيا المستقبلية هي الرؤية العمُودية التي تغوصُ في الباطن وتكشف عن عالم جديد وتستشرفُ أُفُقا، أما الرُّؤية الأفقية فهي رؤية سطحية تكتفي بالملاحظة الخارجيّة؛
معنى الخلق والتوليد// معنى سرديّ وصفيّ : حيثُ إنَّ شعر الرّؤيا يقوم على الخلق والتّوليد ، أي على الكشف والتجديد والغوص ، بخلاف شعر الموقِف الذي يقوم على سرد الأحداث ووصفها سطحيّا.
الخيال والحلم// العقل والمنطق : ومعنى ذلك أن شعر الرؤيا لا يخضع لما هو منطقي وعقليّ، بل يُدرك بالخيال والحلم والكشف.
التمرّد : أي الثورة والانقلاب على الأشكال والطرق والأساليب القديمة؛
التّجاوز : أي تجاوز المفاهيم القائمة بالقفز عليها؛
الاستشرافٌ: أي التطلّع إلى المستقبل والحلم والغد؛
الكشفٌ : أي البحث عن عالم جديد.
وبناء على ما سبق فشعر الرُّؤيا تمرُّد وتجاوزٌ واستشرافٌ وكشفٌ، والذي يجمع بين هذه المصطلحات هو التطلُّع إلى التَّجديد.
و قد تفرَّعت القضية الرئيسيّة إلى قضايا كثيرة، يمكن تجسيدها على شكل ثنائيات ضدِّيّة فيما يلي :
رؤية مستقبليَّة// رؤية أفقية : والمقصود بالرُّؤيا المستقبلية هي الرؤية العمُودية التي تغوصُ في الباطن وتكشف عن عالم جديد وتستشرفُ أُفُقا، أما الرُّؤية الأفقية فهي رؤية سطحية تكتفي بالملاحظة الخارجيّة؛
معنى الخلق والتوليد// معنى سرديّ وصفيّ : حيثُ إنَّ شعر الرّؤيا يقوم على الخلق والتّوليد ، أي على الكشف والتجديد والغوص ، بخلاف شعر الموقِف الذي يقوم على سرد الأحداث ووصفها سطحيّا.
الخيال والحلم// العقل والمنطق : ومعنى ذلك أن شعر الرؤيا لا يخضع لما هو منطقي وعقليّ، بل يُدرك بالخيال والحلم والكشف.
ومن خلال القضايا السابقة نصل إلى تلمُّس الفرق بين شعر الرؤيا الذي يقوم على الاستشراف والخلق والتوليد والخيال والحلم ، وبين شِعر الموقِف والموضوع الذي يقوم على أساس الرؤية الأفقية والسّرد والوصف وعلى العقل والمنطق. والظَّاهر أن سائر هذه القضايا أسهمت إلى حدٍّ كبير في إضاءة القضية الرئيسية، حيث قلَّبتها على جوانبها المختلفة مما جعلها تبدو واضحة بيّنة.
وإذا انتقلنا ناحية طرائق العرض ألفينا يوظَّف أسلوبَ التَّعريف عندما عرَّف الرُّؤيا بكونها "قفزة خارج المفاهيم القائمة" ، وأسلوبَ الوصف في قوله " فقِوام الشعر الجديد معنى خلاق توليديّ لا معنى سرديّ وصفي " ، و الغاية من استخدام هذين الأسلوبين توضيحُ مفهوم شعر الرؤيا وسماته للقارئ وإبراز خصائصه ،خاصّة، وأنّه ضيفٌ جديد في دنيا الشّعر العربيّ، ونجد توظيفاً لِأسلوب المقارنة ؛ حيث يقارن الكاتب بين شعر الرُّؤيا الذي يقوم على "التَّوليد والخلق ويدركه الخيال والحلم ويتخلى عن الحادثة والجزئية ويتبنى الرؤية العمودية" ، وبين شعر الموقف الذي "يقوم على السرد والوصف ، ويدركه العقل والمنطق ويقوم على الحادثة والجزئية، ويتبنّى الرؤية الأفقية" ، ولعل الهدف من هذه المقارنة هو إبراز خصائص شعر الرؤيا والفرق بينه وبين شعر الموقف ، وكذا الانتصار له وتفضيله وبيان تميّزه.
والملاحظ في النَّص أن الكاتب يكثر من إيراد أقوالٍ لشعراء غربيين ينتمون إلى مدارس مختلفة، وهو ما يدل على تأثُره بالثقافة الغربية ، كما يدل على أن شعر الرؤيا منشؤه غربيٌّ، ومن هنا نجد أن أغلب الحجج الموظفة للدفاع عن الأطروحة هي عبارة عن استشهادات ؛ حيث استشهد بأقوال للشاعر الوجودي رامبو والشاعر الرمزي بودلير، إضافة إلى رينيه شار، والهدف من هذه الاستشهادات هو تدعيم الفكرة والانتصار لها والدفاع عن الأطروحة وزيادة التوضيح تمهيدا للإقناع بجدوى شعر الرؤيا ، وإلى جانب الحجج وظف الكاتب طريقةً استدلالية تقوم على الاستنباط ، حيث بدأ الكاتب من العام والكل إلى الخاص والجزء ، ويظهر ذلك في ابتدائه بتعريف شعر الرؤيا لينتقل إلى الحديث عن خصائصه بنوع من التّفصيل، خاتما كلامه بخلاصة مفادها أن شعر الرؤيا يعلو على كل الأشكال. ويساعد هذا النوع من الأسلوب على بناء الفكرة بشكل متدرّج ومناقشتها بتفصيل يصل إلى إقرارها في الذهن.
عمِل صاحب النَّصِّ على تقديم مفهومٍ لشعر الرؤيا من أجل تقريبه إلى المتلقي ، كما عرَض لبعض خصائصه وسماته مفرِّقا بينه وبين شعر الموقف ، ليخلُص في النِّهاية إلى أنَّ شعر الرؤيا لا يلتزم بأيّ شكلٍ أي إنّه يتعالى على كل الأشكال ويخلق لنفسه ما يناسبُه. ويظهر أن صاحب النّصِّ يردُّ على متلقٍّ ضمنيٍّ معترض هو مناصر شعر الموقف والموضوع ، حيث يحاول إقناعه بالعدول عن موقفه ، وممَّا سبق يظهر أن الكاتب قصَد إلى الانتصار لقصيدة الرؤيا ضد قصيدة إحياء النموذج، وفيما يخص الأساليب وظف الكاتب جملة من طرائق العرض المختلفة للدِّفاع عن أطروحته كالتعريف ، والوصف ، والمقارنة ، وأسلوب الاستنباط ، بالإضافة إلى لغة يتعانقُ فيها الفلسفيُّ والنقديُّ ، ناهيك عن المفاهيم المختلفة والأطر المرجعيّة المتعددة ، وونصل ختاما إلى إقرار انتماء النصّ إلى جنس النصوص النقدية المنظّرة لتجربة الرؤيا في الشعر العربيّ. وإذا كان شعر الرؤيا يخرج عن المألوف شكلاً ومضمونا فإنّ خروجه يتجاوز المعقول في كثير من الأحيان ليصل إلى التجريد واللامعقول.
عمِل صاحب النَّصِّ على تقديم مفهومٍ لشعر الرؤيا من أجل تقريبه إلى المتلقي ، كما عرَض لبعض خصائصه وسماته مفرِّقا بينه وبين شعر الموقف ، ليخلُص في النِّهاية إلى أنَّ شعر الرؤيا لا يلتزم بأيّ شكلٍ أي إنّه يتعالى على كل الأشكال ويخلق لنفسه ما يناسبُه. ويظهر أن صاحب النّصِّ يردُّ على متلقٍّ ضمنيٍّ معترض هو مناصر شعر الموقف والموضوع ، حيث يحاول إقناعه بالعدول عن موقفه ، وممَّا سبق يظهر أن الكاتب قصَد إلى الانتصار لقصيدة الرؤيا ضد قصيدة إحياء النموذج، وفيما يخص الأساليب وظف الكاتب جملة من طرائق العرض المختلفة للدِّفاع عن أطروحته كالتعريف ، والوصف ، والمقارنة ، وأسلوب الاستنباط ، بالإضافة إلى لغة يتعانقُ فيها الفلسفيُّ والنقديُّ ، ناهيك عن المفاهيم المختلفة والأطر المرجعيّة المتعددة ، وونصل ختاما إلى إقرار انتماء النصّ إلى جنس النصوص النقدية المنظّرة لتجربة الرؤيا في الشعر العربيّ. وإذا كان شعر الرؤيا يخرج عن المألوف شكلاً ومضمونا فإنّ خروجه يتجاوز المعقول في كثير من الأحيان ليصل إلى التجريد واللامعقول.
التعليقات على الموضوع