تحليل المقالة النقدية المنظرة للمنهجِ الاجتماعي
تحليلُ المقالةُ النَّقديَّةُ المنظّرةُ للمنهجِ الاجتماعيّ
الفرقُ بين المقالة الأدبيّةِ والمقالة النّقدية أنّ المقالة الأدبية تبرزُ خصائص جنس أدبيٍّ كالشعر مثلا (إحياء النموذج وسؤال الذّات...) والقصّة والمسرحيّة، فيما المقالة النّقدية تبرز خصائص المناهج النّقدية كالبنيوية والمنهج الاجتماعي، وطريقة اشتغالهما...
متنُ المقالةِ:
المنهجُ الاجتماعِيُّ
المنهجُ الاجتماعِيُّ
تعدُّ الأديبَة الفرنسيَّةُ" مدام دي ستايْلْ" أوَّلَ منْ نبَّهَ إلى أهميَّةِ العلاقاتِ بين الأدبِ والمجتمعِ ، وبين الأدبِ والسِّياسةِ في كتابِها ( عن الأدبِ في علاقاتِه بالمؤَََََسَّساتِ) الذي ظهرَ عام 1800م، وبعدَ عدَّةِ سنواتٍ عاد النَّاقدُ " دي بُونالْد" ليؤَكِّدَ أنَّ ( الأدبَ هو التَّعبيرُ عن المجتمعِ).
بعْدَ "مدامْ دي سْتَايل" جاءَ النَّاقدُ الفرنسيُّ "إيبُّوليتْ تِينْ" الذي بَذَلَ مَجهوداً كبيراً في سبيل نشرِ النَّظريَّةِ السُّوسيولوجيَّةِ في الأدبِ ، ويُنادي" تِينْ" بضرورةِ تدريسِ الأدَبِ بطريقةٍ تكشِفُ حتْمِيَّتَهُ ، من خِلالِ التَّعرُّفِ على الأسبابِ التي تُؤدِّي إلى حُدُوثِه ، وتجْعَلُ الشَّكلَ الَّذي يتَّخذُه مَحْتُوماً ، فلا يُمكن استيعابُ الفَنِّ وتذوُّقُهُ أو تحليلُه بدونِ إطارِه الاجتماعيِّ ، ذلك لأَنَّه ليس شيْئاً غامضاً أو هُلامياً ، أو مجرَّدَ لَهْوٍ فرْدِيٍّ للخيالِ ، أو نزوةٍ مُنعزلةٍ لوجدانٍ مُنْفَعِلٍ .
ولمْ تتبلْوَر النَّظريَّةُ السُّوسيولوجِيَّةُ إلاَّ باجتهاداتِ" جُورْج لُوكَاتْشْ" و" لُوسيانْ غُولْدْمَان " وغيرهِما من المفكِّرين والفلاسفةِ والنُّقَّاد الذين اسْتفادُوا من النَّظريَّاتِ الأدبيَّةِ الحديثَةِ وفي مقدِّمَتِها البِنيويَّةُ التَّوليديَّةُ.
َوكانتِ البِنْيويَّةُ التَّوليديَّةُ بِمثابةِ الطَّاقةِ الفكرِيَّةِ والفنِّيَّةِ التي جعلت "غولدمان" ينطلقُ بعِلْمِ الاجتماعِ البِنْيويِّ التَّوليديِّ من خمسِ فرضيَّاتٍ جمعتْ بين البِنْيويَّةِ والسُّوسيولوجِيَّةِ في منظومةٍ تُحلِّلُ المضمونَ الاجتماعِيَّ في ضوْءِ الشَّكْلِ الفَنِّيِّ الذي تتبلْوَرُ بِنْيتُهُ من خلال التَّحليلِ الذي يُساعدُ المتلقِّيَ على تكوينِ رؤيةٍ خاصَّةٍ به للعِلْمِ والمجتمع والحياة. وهو المفهومُ الذي ورَدَ في الفرضيَّةِ الأُولى التي تُؤَكِّد أنَّ العلاقةِ بين حياةِ المجتمعِ والخلْقِ الأدَبِيِّ لا تتَّصِلُ بِمضمونِ هذيْنِ القِطَاعينِ من الواقعِ الإِنْسانِيِّ عموماً، وإِنَّمَا تتَّصِلُ بالأَبْنيةِ أساساً وتتبلوَرُ من خلالها. وهو ما يُسَمِّيهِ " غُولدْمان" بالْمَقُولاتِ أو المفاهيمِ التي تُشَكِّلُ الوَعْيَ الحياتِيَّ لمجموعةٍ اجتماعيَّةٍ بعيْنِها، وبالعالَمِ التَّخيُّليِّ الذي يخلُقُه الأديبُ.
وفي الفرضيَّةِ الثَّانيةِ يوضِّحُ " غولدمان" أنَّ هذه البنيةَ العقليَّةِ هي أساسُ الحياةِ الإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ بكلِّ تجلِّياتِها المادِّيَّةِ والفكريَّةِ والإبداعيَّةِ ، وهذا يعنِي أنَّ الأبنيةَ العقليَّة التي هيَ بِدَوْرِها أبنيةُ المقولاتِ الدَّالَّةِ ، ليستْ ظواهرَ فرديَّةً وإنَّما هي ظواهرُ اجتماعيَّةٌ.
ثُمَّ ينتقلُ " غولدمان" في فرضيَّتِه الثالثةِ إلى العلاقةِ بين بنيةِ وعيِ المجموعةِ الاجتماعيَّةِ وعالَمِ العملِ الأَدَبِيِّ ، فيوضِّحُ أنَّها تُوجِد تماثُلا دقيقاً ينطوي على علاقةٍ دَالَّة بسيطةٍ ، وبذلك ينفي " غولدمان" أيَّ تعارُضٍ في وجودِ علاقةٍ مُحكَمَةٍ بين الخلْقِ الأدبِيِّ والواقِعِ الاجتماعِيِّ التَّاريخِيِّ من ناحيةٍ وقوَّةِ الخلْقِ التخيّلِيِّ من ناحيةٍ أخرى ، ولا يُمكنُ إدراكُ المعنَى الحقيقيِّ والشَّامِلِ الدّالِّ سواء للخلْقِ الأدبِيِّ أو الواقِعِ الاجتماعيِّ التَّاريخيِّ أو الأثرِ أو الاِنْفعالِ الملمُوسِ للخلْقِ التَّخَيُّلِيِّ خارجَ إطارِ هذه العلاقةِ الْمُحْكَمَةِ.
بعْدَ "مدامْ دي سْتَايل" جاءَ النَّاقدُ الفرنسيُّ "إيبُّوليتْ تِينْ" الذي بَذَلَ مَجهوداً كبيراً في سبيل نشرِ النَّظريَّةِ السُّوسيولوجيَّةِ في الأدبِ ، ويُنادي" تِينْ" بضرورةِ تدريسِ الأدَبِ بطريقةٍ تكشِفُ حتْمِيَّتَهُ ، من خِلالِ التَّعرُّفِ على الأسبابِ التي تُؤدِّي إلى حُدُوثِه ، وتجْعَلُ الشَّكلَ الَّذي يتَّخذُه مَحْتُوماً ، فلا يُمكن استيعابُ الفَنِّ وتذوُّقُهُ أو تحليلُه بدونِ إطارِه الاجتماعيِّ ، ذلك لأَنَّه ليس شيْئاً غامضاً أو هُلامياً ، أو مجرَّدَ لَهْوٍ فرْدِيٍّ للخيالِ ، أو نزوةٍ مُنعزلةٍ لوجدانٍ مُنْفَعِلٍ .
ولمْ تتبلْوَر النَّظريَّةُ السُّوسيولوجِيَّةُ إلاَّ باجتهاداتِ" جُورْج لُوكَاتْشْ" و" لُوسيانْ غُولْدْمَان " وغيرهِما من المفكِّرين والفلاسفةِ والنُّقَّاد الذين اسْتفادُوا من النَّظريَّاتِ الأدبيَّةِ الحديثَةِ وفي مقدِّمَتِها البِنيويَّةُ التَّوليديَّةُ.
َوكانتِ البِنْيويَّةُ التَّوليديَّةُ بِمثابةِ الطَّاقةِ الفكرِيَّةِ والفنِّيَّةِ التي جعلت "غولدمان" ينطلقُ بعِلْمِ الاجتماعِ البِنْيويِّ التَّوليديِّ من خمسِ فرضيَّاتٍ جمعتْ بين البِنْيويَّةِ والسُّوسيولوجِيَّةِ في منظومةٍ تُحلِّلُ المضمونَ الاجتماعِيَّ في ضوْءِ الشَّكْلِ الفَنِّيِّ الذي تتبلْوَرُ بِنْيتُهُ من خلال التَّحليلِ الذي يُساعدُ المتلقِّيَ على تكوينِ رؤيةٍ خاصَّةٍ به للعِلْمِ والمجتمع والحياة. وهو المفهومُ الذي ورَدَ في الفرضيَّةِ الأُولى التي تُؤَكِّد أنَّ العلاقةِ بين حياةِ المجتمعِ والخلْقِ الأدَبِيِّ لا تتَّصِلُ بِمضمونِ هذيْنِ القِطَاعينِ من الواقعِ الإِنْسانِيِّ عموماً، وإِنَّمَا تتَّصِلُ بالأَبْنيةِ أساساً وتتبلوَرُ من خلالها. وهو ما يُسَمِّيهِ " غُولدْمان" بالْمَقُولاتِ أو المفاهيمِ التي تُشَكِّلُ الوَعْيَ الحياتِيَّ لمجموعةٍ اجتماعيَّةٍ بعيْنِها، وبالعالَمِ التَّخيُّليِّ الذي يخلُقُه الأديبُ.
وفي الفرضيَّةِ الثَّانيةِ يوضِّحُ " غولدمان" أنَّ هذه البنيةَ العقليَّةِ هي أساسُ الحياةِ الإنسانيَّةِ والاجتماعيَّةِ بكلِّ تجلِّياتِها المادِّيَّةِ والفكريَّةِ والإبداعيَّةِ ، وهذا يعنِي أنَّ الأبنيةَ العقليَّة التي هيَ بِدَوْرِها أبنيةُ المقولاتِ الدَّالَّةِ ، ليستْ ظواهرَ فرديَّةً وإنَّما هي ظواهرُ اجتماعيَّةٌ.
ثُمَّ ينتقلُ " غولدمان" في فرضيَّتِه الثالثةِ إلى العلاقةِ بين بنيةِ وعيِ المجموعةِ الاجتماعيَّةِ وعالَمِ العملِ الأَدَبِيِّ ، فيوضِّحُ أنَّها تُوجِد تماثُلا دقيقاً ينطوي على علاقةٍ دَالَّة بسيطةٍ ، وبذلك ينفي " غولدمان" أيَّ تعارُضٍ في وجودِ علاقةٍ مُحكَمَةٍ بين الخلْقِ الأدبِيِّ والواقِعِ الاجتماعِيِّ التَّاريخِيِّ من ناحيةٍ وقوَّةِ الخلْقِ التخيّلِيِّ من ناحيةٍ أخرى ، ولا يُمكنُ إدراكُ المعنَى الحقيقيِّ والشَّامِلِ الدّالِّ سواء للخلْقِ الأدبِيِّ أو الواقِعِ الاجتماعيِّ التَّاريخيِّ أو الأثرِ أو الاِنْفعالِ الملمُوسِ للخلْقِ التَّخَيُّلِيِّ خارجَ إطارِ هذه العلاقةِ الْمُحْكَمَةِ.
وهذه الفرضيَّةُ تؤدِّي بدَوْرِها إلى الفرضيَّةِ الرَّابِعَةِ التي تقدِّمُ منظوراً جديداً لنقدِ ودراسةِ قمَمِ الخلْقِ الأدبِيِّ وروائِعِهِ.يُضاف إلى ذلك ، أنَّ أبنيَةَ المقولاتِ التي يدرسُها علمُ الاجتماعِ الأدبيِّ هيَ - على وجه التّحديد- الأبنيةُ التي تُعطِي الوَحدةَ العُضْويَّةَ والبنيويَّةَ للعملِ الأدبِيِّ بمعنى أنَّها أحدُ العُنصريْنِ الأساسِيَّيْنِ للخاصِّيَّةِ الجماليَّةِ المميِّزَة للعملِ ، كما أنَّها تُمَثِّل الطبيعةَ الأدبيَّةَ الحقَّةَ للعملِ الأدبِيِّ.
ويرفُض " غُولْدْمان" في فرضيَّتِه الخامسةِ والأخيرةِ المنظورَ السِّيكُولوحِيَّ الذي يحصُرُ أبنيةَ المقولاتِ في النَّصنيفاتِ المجرَّدةِ للوعْيِ واللاَّوعيِ بالمفهومِ الْفْرُويْدِيّ لهذه الفرضيَّة. ذلكَ أنَّ هذه الأبنيةَ هيَ التي تَحْكم الوعيَ الجماعِيَّ والتي تتحوَّلُ إلى عالمٍ تخيُّليٍّ يخلقُه الفَنَّانُ ، عالمٍ لا ينهضُ على افْتِراضِ عمليَّةِ كبتٍ مُسْبَقٍ أو عمليَّاتٍ غيْرِ واعيةٍ ، شبيهةٍ من بعض الزَّوايَا بتِلْكَ العمليَّاتِ التي تَحْكُمُ أبنيَةَ الأعصابِ والعضَلاَتِ ، وتُحَدِّدُ الخاصِّيَّةَ المميِّزَةَ لإيحاءاتِ البشَرِ وحركاتِهِمْ.
ويترتَّبُ على هذه الفرضيّاتِ ، أنَّ كلَّ دراسةٍ نقديَّةٍ يجب أنْ تبدأ بتشريحِ العملِ الأدبيِّ باعتباره مرَكَّباً من استجاباتٍ دَالَّةٍ ، تُفسِّرُ بِنْيَتَهَا معظَمُ العناصرِ الجزئيَّةِ والفرعيَّةِ التي يواجهُهَا النَّاقدُ.
إنَّ فهْمَ النَّصِّ ، باختصارٍ، مشكلةٌ تتَّصلُ بالتَّلاحُمِ الدَّاخليِّ للنَّصِّ ، وهو مشكلةٌ لن تُحَلَّ إلا بافتراضِ أنَّ النَّصَّ ، كلَّ النّصِّ وليسَ أيَّ شيءٍ سواهُ ، هو ما يجبُ أن يُؤْخَذَ أَخْذاً حرفيّاً ، وأنَّ على النَّاقِدِ أنْ يبحثَ ، في داخلِه عن بنيةٍ دالَّةٍ شاملةٍ. أما الشَّرحُ فإنَّهُ مشكلةٌ تتَّصلُ بالحثِّ عن ذاتٍ فرديَّةٍ أو جماعيَّةٍ ، وإنْ كان" غولدمان" يعتقدُ أنَّ النُّقَّادَ لا يواجهونَ في الأعمالِ الثَّقافيَّةِ والفنِّيَّة والأدبيَّةِ إلا ذاتاً جماعيَّةً ، كما أنَّ الفهْمَ والشَّرْحَ ليسا عمليتَيْنِ عقليَّتَيْنِ مختلفَتَيْنِ ، بل هما عمليَّةٌ واحدةٌ ترتبطُ بزاوبَا مختلفةٍ للنَّظرِ وإذا كان الفهمُ هو الكشْفُ عن بِنْيَةٍ دَالَّةٍ مُتَأَصِّلةٍ في العملِ الأدبِيِّ ، فإنَّ الشَّرْحَ هو إدماجُ هذه البِنْيةِ كعنصرٍ مُكَوِّنٍ في بنيةٍ شاملَةٍ ، لا يستكْشِفُها النَّاقِدُ في تفاصيلِها ، بل يستكْشِفُها بالقَدْرِ الذي يُعينُه ، فحَسْبُ ، على أنْ يتفَهَّمَ العملَ الذي يدرُسُه ، إنَّ المهِمَّ هو أن تُؤْخَذَ البنيةُ المحيطةُ باعتبارها موضوعاً للشَّرحِ والفهمِ ، عندئِذٍ ينْقلبُ ما كان شرحاً ليصبحَ فهْماً، مما يُحتِّمُ على النَّاقِدِ في مرحلةِ الشَّرحِ أن يتَّصِلَ بِبِنْيةٍ جديدةٍ أوْسَعَ.
ويرفُض " غُولْدْمان" في فرضيَّتِه الخامسةِ والأخيرةِ المنظورَ السِّيكُولوحِيَّ الذي يحصُرُ أبنيةَ المقولاتِ في النَّصنيفاتِ المجرَّدةِ للوعْيِ واللاَّوعيِ بالمفهومِ الْفْرُويْدِيّ لهذه الفرضيَّة. ذلكَ أنَّ هذه الأبنيةَ هيَ التي تَحْكم الوعيَ الجماعِيَّ والتي تتحوَّلُ إلى عالمٍ تخيُّليٍّ يخلقُه الفَنَّانُ ، عالمٍ لا ينهضُ على افْتِراضِ عمليَّةِ كبتٍ مُسْبَقٍ أو عمليَّاتٍ غيْرِ واعيةٍ ، شبيهةٍ من بعض الزَّوايَا بتِلْكَ العمليَّاتِ التي تَحْكُمُ أبنيَةَ الأعصابِ والعضَلاَتِ ، وتُحَدِّدُ الخاصِّيَّةَ المميِّزَةَ لإيحاءاتِ البشَرِ وحركاتِهِمْ.
ويترتَّبُ على هذه الفرضيّاتِ ، أنَّ كلَّ دراسةٍ نقديَّةٍ يجب أنْ تبدأ بتشريحِ العملِ الأدبيِّ باعتباره مرَكَّباً من استجاباتٍ دَالَّةٍ ، تُفسِّرُ بِنْيَتَهَا معظَمُ العناصرِ الجزئيَّةِ والفرعيَّةِ التي يواجهُهَا النَّاقدُ.
إنَّ فهْمَ النَّصِّ ، باختصارٍ، مشكلةٌ تتَّصلُ بالتَّلاحُمِ الدَّاخليِّ للنَّصِّ ، وهو مشكلةٌ لن تُحَلَّ إلا بافتراضِ أنَّ النَّصَّ ، كلَّ النّصِّ وليسَ أيَّ شيءٍ سواهُ ، هو ما يجبُ أن يُؤْخَذَ أَخْذاً حرفيّاً ، وأنَّ على النَّاقِدِ أنْ يبحثَ ، في داخلِه عن بنيةٍ دالَّةٍ شاملةٍ. أما الشَّرحُ فإنَّهُ مشكلةٌ تتَّصلُ بالحثِّ عن ذاتٍ فرديَّةٍ أو جماعيَّةٍ ، وإنْ كان" غولدمان" يعتقدُ أنَّ النُّقَّادَ لا يواجهونَ في الأعمالِ الثَّقافيَّةِ والفنِّيَّة والأدبيَّةِ إلا ذاتاً جماعيَّةً ، كما أنَّ الفهْمَ والشَّرْحَ ليسا عمليتَيْنِ عقليَّتَيْنِ مختلفَتَيْنِ ، بل هما عمليَّةٌ واحدةٌ ترتبطُ بزاوبَا مختلفةٍ للنَّظرِ وإذا كان الفهمُ هو الكشْفُ عن بِنْيَةٍ دَالَّةٍ مُتَأَصِّلةٍ في العملِ الأدبِيِّ ، فإنَّ الشَّرْحَ هو إدماجُ هذه البِنْيةِ كعنصرٍ مُكَوِّنٍ في بنيةٍ شاملَةٍ ، لا يستكْشِفُها النَّاقِدُ في تفاصيلِها ، بل يستكْشِفُها بالقَدْرِ الذي يُعينُه ، فحَسْبُ ، على أنْ يتفَهَّمَ العملَ الذي يدرُسُه ، إنَّ المهِمَّ هو أن تُؤْخَذَ البنيةُ المحيطةُ باعتبارها موضوعاً للشَّرحِ والفهمِ ، عندئِذٍ ينْقلبُ ما كان شرحاً ليصبحَ فهْماً، مما يُحتِّمُ على النَّاقِدِ في مرحلةِ الشَّرحِ أن يتَّصِلَ بِبِنْيةٍ جديدةٍ أوْسَعَ.
نبيل راغب: موسوعة النظريات الأدبية
الشركة المصرية العالمية للكتاب.لونجمان.ط1 . 2003. ص323 وما بعدها (بتصرّفٍ)
الشركة المصرية العالمية للكتاب.لونجمان.ط1 . 2003. ص323 وما بعدها (بتصرّفٍ)
تحليلُ المقالةِ:
لَمْ يكُنْ التَّطَوُّرُ اذي عرفه النثر الربي الحديث حِكْراً على الأشكالِ الأدبيَّةِ فحسْبُ، بل إنَّ النقد عرف تطَوُّرا كبيرا نتيجةَ الانفتاحِ على الثَّقافةِ الغَرْبيَّةِ وانتشارِ الطِّباعةِ وتطوُّرِ الصِّحافة ونشاطِ حركةِ التَّرجمةِ. وهكذا كانَ للانفتاحِ على الغرْبِ دورٌ طليعِيٌّ في تأثُّر النُّقَّادِ العربِ بمختلفِ المناهجِ النَّقديَّةِ الحديثةِ، حيثُ سَعَوْا إلى استيعابِها ومنْ ثَمَّ تقريبِها إلى المتلقِّي والنُّقَّادِ على حدٍّ سواء، وتتناوَلُ المقالةُ قيْدَ الدِّراسةِ التَّعريفَ بالمنهجِ الاجتماعِيِّ ورُوَّادِه وخصائِصه، وهو منهجٌ يُقاربُ الظَّاهرةَ الأدبيَّةَ من خلال ربْطها بالواقِع الاجتماعيِّ، وقد برَعَ نقَّادٌ كثيرونَ في التَّعريفِ بِالمنهج الاجتماعِيِّ وتتبُّعِ تحوُّلاتِه واستخلاصِ قواعدِه ودراسةَ خصائِصِه وتبيُّنِ طريقتهِ في مقاربةِ الظواهر الأدبيّةِ، نذكُر منهُم: شكري عيّاد، وصلاح فضْل، ونبيل راغِب الذي اشتهَر بتأليفِه في المجالِ النَّقديِّ، ومن مؤَلَّفاتِه نذكرُ "في العرْض المسرحيِّ" و" دليلُ النّاقدِ الأدبِيِّ".فما الأطروحةُ موضوعُ النّصِّ ؟ وما إطارُها المرجعيُّ ؟ وما طرائقُ العرْضِ المتَّبَعةِ ؟
من خلال دلالة العنوان واعتماداً على بعض المشيراتِ النَّصِّيَّةِ من قبيلِ:" المنهج الاجتماعيّ ، بعد مدام دي ستايل، الناقد الفرنسي إيبوليت تين الذي بذل مجهودا كبيرا في سبيل نشر النظرية السوسيولوجية ، لم تتبلور النَّظريّة السوسيولوجيَّة إلا باجتهادات جورج لوكاش ولوسيان كولدمان، فهم النص، الفهم والشّرح..." نفترض أنَّنا أمام مقالة نقديّة تعالج مسارَ تطوُّرِ المنهجِ الاجتماعيِّ، وتبيّنُ مقوِّماتِه في دراسة الأدبِ. فإلى أيِّ حد تصحُّ هذه الفرضيَّة ؟ وما الرِّهان الذي راهن عليه الكاتبُ ؟
عالجَ الناّقد في مقالته قضيّة رئيسية تتمثّل في " إبراز خصائص المنهج الاجتماعيّ زطريقته في مقاربة الظاهرة الأدبية"، ورفضه للتحليلات النّفسية للأدب، رابطا الأدب بمجتمعه وبنيته الذّهنية، وتفرَّعت عن هذه القضيّة مجموعةٌ من القضايَا نُبرزُها مشروحةً فيما يلي:
-العملُ الأدبيُّ الخلاَّقُ يعبِّر عن رؤيةٍ للعالَم : أي إنَّ تميُّز أيِّ عملٍ أدبيٍّ يَمُرُّ أساسا عبر تعبيرِه عن المجتمعِ والثَّقافة والوعيِ الجماعيِّ وطريقة تفكير الجماعة وعيشِها؛
-الوحدةُ العُضويَّةُ والبنيويَّةُ للعملِ الأدبِيِّ : ويُقصَدُ بها العلاقاتُ الدَّاخليَّةُ التي تُكَوِّن النَّصَّ وتخلق تلاحمه وتسمح بِفَهمه؛
-البِنْيَةُ الدَّالَّةُ :وهي مجموعُ العناصرِ المؤتَلِفَة داخِلَ النَّصِّ وَفْقَ علاقاتٍ مُتَمَاسِكَةٍ كالإيقاعِ والتصويرِ ...؛
-رفضُ التفسير النّفسي للأدب: وهو الذي يركّز على الواقع النَّفسيِّ للأديب واستثماره لفهْم ما ينتجه، ويرفض المنهج الاجتماعي هذا النوع من التَّفسيرِ نظرا لعدم واقعيَّتِه.
← أسهمت القضايا السابقة وغيرها في إضاءة القضية الرئيسية ا، حيثُ ألقت الضَّوء على جوانب القضيّة المختلفة .
-العملُ الأدبيُّ الخلاَّقُ يعبِّر عن رؤيةٍ للعالَم : أي إنَّ تميُّز أيِّ عملٍ أدبيٍّ يَمُرُّ أساسا عبر تعبيرِه عن المجتمعِ والثَّقافة والوعيِ الجماعيِّ وطريقة تفكير الجماعة وعيشِها؛
-الوحدةُ العُضويَّةُ والبنيويَّةُ للعملِ الأدبِيِّ : ويُقصَدُ بها العلاقاتُ الدَّاخليَّةُ التي تُكَوِّن النَّصَّ وتخلق تلاحمه وتسمح بِفَهمه؛
-البِنْيَةُ الدَّالَّةُ :وهي مجموعُ العناصرِ المؤتَلِفَة داخِلَ النَّصِّ وَفْقَ علاقاتٍ مُتَمَاسِكَةٍ كالإيقاعِ والتصويرِ ...؛
-رفضُ التفسير النّفسي للأدب: وهو الذي يركّز على الواقع النَّفسيِّ للأديب واستثماره لفهْم ما ينتجه، ويرفض المنهج الاجتماعي هذا النوع من التَّفسيرِ نظرا لعدم واقعيَّتِه.
← أسهمت القضايا السابقة وغيرها في إضاءة القضية الرئيسية ا، حيثُ ألقت الضَّوء على جوانب القضيّة المختلفة .
ولمعالجةِ الإشكاليَّة ومناقشةِ القضايا اعتمدَ الكاتبُ في نصِّه على أسلوبِ الشَّرحِ والتَّفسيرِ في شرحه للفرضيّات الخمس ، سعياً إلى توضيح المفاهيمِ الغامضة وإزالةِ سحابةِ الإبْهامِ الْمُخَيِّمَةِ عليها ، ويظهرُ أنَّ الكاتبَ اقْتَصرَ في نصِّه على الاستشهادِ بنُقَّادٍ غربيِّين مثل "غولدمان" و"لوكاتش"، وذلك لأنَّ منْشَأَ المنهجِ الاجتماعيِّ غربِيٌّ، كما اعتمد صاحبُ النَّصِّ أسلوباً مباشراً ولغة علميَّةً تقريريَّةً مباشِرَةً وجملاً طويلةً وأخرى اعتراضيّة، كلُّ ذلك بغاية التَّوضيح ونقلِ الفكرة والتَّعريفِ بالمنهجِ الاجتماعيِّ وأسُسِهِ. وبالنسبة للطريقة الاستدلالية التي اعتمدها الكاتب فقد سلك طريقة الاستنباط من خلال ابتدائه بالحديث عن نشأة المنهج الاجتماعي وتطوّره لينتقل بعد ذلك إلى تفصيل القول في فرضياته الخمس، وقد ساعدت هذه الطَّريقة الاستدلالية على التدرُّجِ في بناء الفِكرَةِ ومناقشتها مِمَّا جعلها واضحة في ذهن المتلقّي.
وقد وظَّف الكاتبُ في عرض إشكاليَّتِه تصميميْنِ أحدهُما زمنِيٌّ يعتمدُ التَّدَرُّج ويظهرُ في عرضِه لمرحلتَيْ التأصيلِ والتَّبلوُر اللتينِ مرّ بهما المنهج الاجتماعيُّ في نشأته وتطوٍّه ، والثَّاني يستندُ إلى الجرْدِ ويظهر ذلك في عرْضه للفرضيات الخمس؛ حيث جرَدَ خصائص كلِّ فرضيّة على حِدَة.
جعل الكاتبُ التَّعريفَ بِماهيَةِ المنهجِ الاجتماعيِّ والأسُسِ التي يقومُ عليها غايتَه وَوَكْدَه، حيث بدأَ بالحديثِ عن تأصيلِ المنهجِ وتبلوُرِه ثمَّ انتقلَ إلى رصْدِ التَّطوُّرِ الذي عرَفَهُ المنهجُ الاجتماعيُّ على يد غولدمان، ليعرِضَ في الأخير أُسُسَ هذا المنهج وفرضيَّاتِه، ولعَرْضِ ذلك وظَّفَ طرائقَ عرضٍ وأساليبَ مختلفةً ومعجماً ينقسم إلى حقلين دلاليينِ، واتَّكأَ على إطارات مرجعيَّة كثيرةٍ ، كما وظَّفَ أسلوباً استنباطيّا ساعدَه بشكل كبير في توضيح أمور تتعلق بالمنهج الاجتماعي من خلال التدرُّجِ في بناء الفكرةِ، وقد قصد الكاتب في نصّه إلى تسليط الضوء على المنهج الاجتماعيّ وتقريبه من المتلقّي، وخلاصةُ القول وُفِّقَ الكاتب في التَّعريف بالمنهج الاجتماعيّ ورصْدِ خصائِصِه والإشارَةِ إلى أُسُسِه، وختاماً نَصل إلى إثباتِ صحّة الفرضيَّةِ وانتماءِ النّصِّ إلى جنسِ المقالةِ النَّقديَّة التي تتناول بالدِّراسة منهجا نقديا هو المنهج الاجتماعيّ. فإلى أيّ حدِّ تمثَّل دارسُو الأدبِ طريقةَ المنهج الاجتماعيِّ في مقاربَةِ الظواهر الأدبيَّةِ ؟
سعيد بكور
جعل الكاتبُ التَّعريفَ بِماهيَةِ المنهجِ الاجتماعيِّ والأسُسِ التي يقومُ عليها غايتَه وَوَكْدَه، حيث بدأَ بالحديثِ عن تأصيلِ المنهجِ وتبلوُرِه ثمَّ انتقلَ إلى رصْدِ التَّطوُّرِ الذي عرَفَهُ المنهجُ الاجتماعيُّ على يد غولدمان، ليعرِضَ في الأخير أُسُسَ هذا المنهج وفرضيَّاتِه، ولعَرْضِ ذلك وظَّفَ طرائقَ عرضٍ وأساليبَ مختلفةً ومعجماً ينقسم إلى حقلين دلاليينِ، واتَّكأَ على إطارات مرجعيَّة كثيرةٍ ، كما وظَّفَ أسلوباً استنباطيّا ساعدَه بشكل كبير في توضيح أمور تتعلق بالمنهج الاجتماعي من خلال التدرُّجِ في بناء الفكرةِ، وقد قصد الكاتب في نصّه إلى تسليط الضوء على المنهج الاجتماعيّ وتقريبه من المتلقّي، وخلاصةُ القول وُفِّقَ الكاتب في التَّعريف بالمنهج الاجتماعيّ ورصْدِ خصائِصِه والإشارَةِ إلى أُسُسِه، وختاماً نَصل إلى إثباتِ صحّة الفرضيَّةِ وانتماءِ النّصِّ إلى جنسِ المقالةِ النَّقديَّة التي تتناول بالدِّراسة منهجا نقديا هو المنهج الاجتماعيّ. فإلى أيّ حدِّ تمثَّل دارسُو الأدبِ طريقةَ المنهج الاجتماعيِّ في مقاربَةِ الظواهر الأدبيَّةِ ؟
سعيد بكور
التعليقات على الموضوع